رواية غوى بعصيانه قلبي (كاملة حتى الفصل الأخير ) بقلم نهال مصطفي
المحتويات
وقفها رجل الأمن معرضا طريقها
رايحة فين !
حاولت أن تظهر نوران بمظهر الثبات كي لا بث حولها الشكوك وقالت
أنا موظفة في شركة دويدار ومعايا ورق مهم لازم أوصله لعاصي بيه !
أومأ الحارس بتفهم وتزحزح من أمامها وهو يقول بعجب
هتقدري كل دا !
ثم أردف مقترحا
تحبي أكلمه يبعتولك عربية !
ملوش لزوم أنا هتصرف .
أخذت تسير قرابة النصف ساعة تحت حرارة الشمس القاسېة وتتصبب عرقا وهى تتفتن أرقام القصور والمباني الفارهة حولها بذهول أوشك أن يجنن عقلها المنظر كان أشبه بلوحة فنية رسمها فنان عظيم تناسق الالوان المساحات الشاسعة النباتات التي تتسور المبنى السيارات الفارهة التي تمر من جانبيها كانت منتصف الشارع ك اللاجئين لا يهمها المال والثروات بقدر من فراش بسيط يحتوي ليلهم !
ظلت تجوب خلف البوابة بحيرة فلا تعلم أي باب عليها أن تطرقه وفي ظل تنقلها هنا وهناك توقف أمامها سائق عربة أجرة كان على وشك الارتطام بها تلقته بخضة قوية وهى توبخه معترضة
نزل منها شابا في مقدمات العشرين ذو شعر ناعم يتدلى على جبينه وبشرة بيضاء ناصعة وعيون زيتونية وهو يضب حافظة نقوده ويضعها بجيبه ثم يصبب عرقه ويأمر السائق
معلش امشي أنت !
ثم اقترب من نوران بنظراته الاستكشافية وهو يمد لها منديلا منقوش عليه حرف D باللون الأسود وسألها
أنت مين ! وبتعملي أيه هنا !
أيوه يا هدير ! لسه فاكرة تردي ! اوف اقفلي اقفلي دلوقتي .
ثم عادت أنظاره إلى نوران وسألها بحنو
بقيتي أحسن !
أومأت بالموافقة ثم قالت بعرفان
نزع كريم نظارته الشمسية وسألها
أنت بتعملي أيه هنا !
عايزه ادخل جوه أقابل عاصي دويدار !
انعقد حاجبيه بغرابة شديدة ثم قال
وأنت مفكرة عاصي دويدار بسهولة كدا أي حد يقابله !
أحست بأنها طرقت على أبواب الممنوع وجال اليأس بمعالمها يلمع
يعني أيه !
كريم بهدوء
أهدي بس وقوليلي يمكن أعرف اساعدك !
أنت مين أصلا !
أسبل عيونه بوميض من المكر وكشف عن هويته كاذبا
اسمي كريم السواق الخصوصي لعاصي دويدار نفسه !
عادت المياه الأمل تركض بحلقها من جديد ثم اقتربت منه خطوة بحماس
بجد يعني ممكن تساعدني !
فهميني بس الحوار إيه وأنا مش هقصر معاكي !
أخرجت من حقيبتها البالية بعض النقود الورقية وأخبرته
جيه الصبح وأخد أختي بالقوى عشان اتأخرنا ف دفع الإيجار أنا عايزه اديله فلوسه عشان أختي ترجع لنا أرجوك ساعدني أنا وهي ملناش غير بعض !
أشار إليها بكفه كي تهدأ وأخبرها
تمام ممكن تهدي .
ثم سحبها لمجلس مختصر تابع للقصر في مكان رطب وطلب منها
استنيني هنا هعرف لك في أيه واجيلك متمشيش ومتتكلميش مع حد تمام !
هذه المرة أنا حقا لا أعلم ما الذي يعنيه هذا الشعور ولا أعرف كيف سيستقر وماذا سيحمل معه أنا لا اثق بكل الذي أعيشه مطلقا ولكن لا أملك من الأمر سوى الهدوء ومشاهدة مغبة الأقدار .
فارقت شمس مقعدها وهي تحمل ملف ما بيدها وتقترب من مرقد تميم الذي لم يفارق حتى الآن كل شيء تركته عليه كان ثابتا ما عدا اختلاف صفحات كتابه الذي أوشك أن ينهيه .
صاحت بتلقائية غير مقصودة
هو أنت مالكش حد يسأل عنگ هنا !
أحست من ملامحه الشاحبة بأنها لمست جرحت ما بجوفها ف عابت على نفسها بندم شديد وقالت لنفسها
بتقولي أيه بس يا شمس !
وقفت بجوار سريره وهي تلقى نظرة أخيرة على التقارير متعمدة تجاهل ما اشعلته قبل قليل
أنا قرأت كل التقرير من بداية الحاډث ل دلوقت !
رفع حاجبه ثم تابعها بنظرة خيبة أمل سحيقة
جميل ! يا رب تكوني لقيتي حاجة جديدة !
قفلت الملف ووضعته بجواره وقالت بغرابة
أنا مستغربة أنت أزاي لحد دلوقت مش بتمشي على رجليك !
ترمد قنوطه في جمر كلماتها وقال بشك
تقصدي أيه !
أخر تقرير بتاريخ سبتمبر السنة اللي فاتت بيقول إنك كويس وكل حاجة كويسة !
توارى خلف جدار الحجج المصطنعة كي لا يعلق نفسه بحبال أمل متهرية
سمعت من الكلام دا كتير !
ألتقمت عيونها معالم الحسړة على وجهه فقامت بدورها كطبيبة وغيرت مجرى الحديث وهى تطالع نشرة أدويته وتقول
المفروض تتغدى دلوقت عشان تأخد أدويتك !
لما يفتكروا هيجيبوا الغدا !
شعور مزمن من الذنب شحن قلبها دون ان تقترب أي ذنب إثر جملته التى تعلن راية العجز بتقبل تام ولكن كتلقائية شمس المعتادة في عدم وقوفها على محطة الحزن للحظة قالت متحمسة
مفيش الكلام دا هنا في نظام وأدويتك لازم تتأخذ في ميعادها أنا هنزل أقولهم كدا بنفسي !
ظل يرمقها بنظرات شخص أخرس محاولا اكتشاف نوعية هذه الفتاة لأي فصيلة تنتمي تارة تثور تارة تهدأ تارة تضيء الأمل وتارة تخمده !
أطبقت جفونها وانطلقت اتجاه المغيب عن عالمه وهى تخطو بخفة أمام أعينه وتشد ذراعيها وراء ظهر كالفراشة رغم جمال ألوأن أجنحتها إلا أنها تحاول ألا ترى ذلك تكتفى بإسعاد كل من حولها فقط .
في الطابق السفلي يقف كريم بجوار أخته محاولا جمع معلومات بأي قدر ممكن فأصدر إيماءة مفتش قانوني
يعني شمس دي اللي جابها عاصي الصبح !
زفرت هدير پاختناق لكثرة اسئلته وقررت أن تغير مجرى الحوار
أنت رنيت عليا كل دا ليه !
عربيتي عطلت قدام الكلية وكنت مفكرك هناك ترحميني من زحمة المواصلات .
رمقته بتفهم كي ترتاح من ثرثرته
ابقى فكرني أقول لعاصي يغيرهالك !
في تلك اللحظة أشرقت شمس على مجلسهم وسألتها بحدة
المطبخ منين !
أشاحت أنظارها عنها بعد ما رمقتها بسخرية شديدة وقالت بصوت رخيم متجاهلة صوتها
كريم أنا ماشية .
لم يلتفت كريم لأخته حيث استدار متغزلا ب شمس وقال متخابثا
هو ينفع كدا !
أفندم !
حانت منه ألتفاتة سريعة حوله يترقب الحال ثم قال مغازلا
شمس بټحرق بره وشمس بتنور جوه حرام كدا بشړة وقلب العبد لله هيتحرقوا !
بس قول إن شاء الله !
بدا علي ملامحها الضيق من دعابة كريم السخيفة فكان ظهور سيدة لها حبل إنقاذ كريم
من براثين چنونها حيث قالت جملتها الأخيرة ساخرة وهي تبتعد عنه كي لا تفش ڠضبها من عائلتها كلهم بوجهه .. صاح كريم معترضا وهو يضرب كف على الأخر متعمدا أن يوصل الحديث لمسامعها
أيه جو عاكس القطة تخربشك دا ! الحق عليا و أنا بلطف من معنوياتك يعني !
تجاهلته شمس وذهبت إلى المطبخ مع سيدة وهى تلقي عليها أوامرها وتشدد على الالتزام بها وعلى الجهة الأخرى تلقى نوال أذانها لتجسس عليهم وتحفظ كل كلمة
تدور بينهم .
عاد كريم إلى نوران التي كادت أن ترحل لطيلة انتظارها ولكن أوقفها
متابعة القراءة