رواية بغرامها متيم (كاملة حتى الفصل الاخير) بقلم فاطيما يوسف
المحتويات
روحي ماقربت تروح وقلت ارجع بيهم بلدي يتربوا فيها ويحتموا بيها وسط ناسهم .
نظرت ماجدة إلى ابنتها وعينيها تلتمع بشئ ما بل وتمنته داخلها أن يكون ذلك العامر وأبنائه من نصيب ابنتها كي يعوضاها عن مافقدته من زوج وأبناء وبيت وحياة وخاصة أنها ترى في عامر الرجولة التي لم تجدها في أخيه يوما من الأيام حيث كان يقف في صفهم دوما ويدافع عنها أمام أخيه ولم يخشى من توجيهه للصواب يوما ثم قامت من مكانها وناولت الطفل لمها مرددة بمغزى وهي تلقيه في أحضانها
ناولتها الطفل في أحضانها فشعرت برجفة اجتاحت أوصالها فور احتضانها لذاك الطفل وما كان منها الا انها ضمته بحنو اعتادت عليه في التعامل مع هؤلاء البرئاء كانت دقات قلبها تدق بوتيرة سريعة نظرا لشعورها بأن الماكث في أحضانها وليدها وليس طفلا تحتضنه لأول مرة إنه لإحساس صعب للغاية لهذه المها
لطالما كان للحضن سحر خاص يميزه عن أي لغة أو تعبير آخر فهو لغة عالمية يفهمها الجميع لغة لا تحتاج إلى ترجمة لغة تتحدث من القلب إلى القلب لغة تلامس المشاعر وتسكن الروح سكنا ومأوى لمن حرم من منزل احضان حبيبه وهذا الطفل الساكن الآن بين أضلعها جعلها تشعر بكل هذه الأشياء
ياه لساتك هتحني للأطفال وتشمي ريحتهم وانتي هتضميهم يامها لساتك رقيقة وناعمة زي مانت والدنيا مش زايداكي غير الحلا وبس يا اجمل ما شافت عيوني .
أغمضت عينيها وهي تحاول أن لا تنظر له وهو يلقي عليها كلماته الناعمة التي سحبتها لشباك الخطيئة يوما من الأيام تلك الخطيئة التي
ولكنها استجمعت قواها المشتتة الآن وهتفت بنبرة جادة دون أن تنظر إليه
انت رجعت ليه ياعامر
اهتز جسده بلهفة لسماع اسمه من بين شفاها بعد أن حرم منه مدة طويلة وقصد النظر داخل عينيها وهو يجيبها
هي اسمها مها مش ماهي
هز رأسه للأمام بتأكيد
قلت قدام خالتي ماجدة إن اسمها ماهي علشان ملفتش الانتباه للاسم واسبب لك إحراج لساتي بخاف عليكي حتى من نظرة اي لوم وعتاب .
شعرت بأن الدنيا تدور حولها وبأن غمامة الماضي الأليم تعود تنسج خيوط الألم من جديد حول أمانها الذي بنته طيلة المدة المنصرمة ماذا بك ايها الأزمات الم تتركيني بعد وتلتفي حول غيري !
لقد صدقت أنني رممت جراح الماضي وأجملت خطيئتي وذنبي برضاي وتوبتي ولكن لا الماضي يريد أن يبتعد ولا الحاضر يريد أن يمهلني ولا المستقبل الذي حلمت به سيأتيني محلقا بجناحات الراحة لك مها .
ثم حاولت تهدئة مشاعرها الثائرة المقاتلة لأجل أن تواجه بصرامة متسائلة إياه
طب والمطلوب مني ايه ياعامر
استوعب سؤالها واردف بنبرة هادئة متجنبا كل القلق الذي يشعر به داخله من نظراتها الغير مفهومة له وأغلبها جامدة
نقول بسم الله وجاي اطلب يدك عايز اتجوزك يامها
وأكمل سريعا كي يلاحق أفكارها التي تهاجم مخيلتها
وقبل ما دماغك تروح لبعيد أني معايزكيش مربية لولادي ولا دي غرضي اني استغلك في النقطة داي
ثم استرسل حديثه وهو يرمقها بنظرات هائمة
اني عايز اتجوزك علشان محتاجك إنتي بالذات ارجوكي كفاية عناد بقي .
اهتز فكها ساخرا من عرضه وكل كلماته وبالتحديد كلمته الأخيرة
له هو انت فاكر اني رفضت زمان عند يا عامر !
وأكملت بتشبس برأيها
اني رفضت زمان علشان انت مينفعش توبقى موجود في حياتي اللي دخلتها غدر من الأساس ودلوك بردو لنفس السبب علشان ما بني على باطل فهو باطل.
قوس فمه بتعجب من كلامها
يعني ايه ما كل حاجة خلصت ورفضك دلوك ملهوش مبرر اني اولى بيكي من اي راجل انتي كنتي مرت اخوي اللي ماټ وأي حد عاقل قاعد معانا هيقول لك كلام الراجل دي عين العقل يامها .
لوت فمها وتحدثت بنبرة ساخطة
حد مين دي يا عامر هو الحد اللي إنت هتتكلم عنيه دي عارف انت عميلت فيا ايه
واسترسلت وهي تشير إليها بكفاي يديها بامتعاض
انت دمرتني نفسيا وجسديا وخلتني حطام ست خلتني کرهت نفسي کرهت امومتي کرهت اي راجل وجاي دلوك تقول لي اني اولى
بيكي وبتملى بوقك بيها كمان !
ياشيخ حرام عليك اني ما صدقت لقيت مها اللي ضاعت واندفنت من سنين جواك انت واخوك الله يرحمه.
ايه انتي بقي كفاياكي ذل فيا إنتي ! ملعۏن ابو قلبي ياشيخة اللي راهن حاله تحت رجلك ملعۏن ابو القلب اللي عشقك سنين وضيع شبابه عليكي ...كلمات وجه مقتضبة بملامح وجه مكفهرة ثم نهض غاضبا وتحرك من أمامها ويبدو عليه القهر فلم يكن يتوقع أن يكون ذلك ردها له ومقابلتها الجافة الباردة له وكأنها رأت أكثر شئ تكرهه في حياته بل وثقيل ثقل الجبال على قلبها
واستطرد قائلا بنبرة جادة
كلامي بقي مع اخوالك ووالدتك علشان اني جبت أخري منك يامها بس مش دلوك بعدين هسيبك تهدي من مفاجأة رجوعي وتستوعبي كل الكلام اللي اتكلمنا فيه وبعدين يفرجها ربنا ابقي قولي لخالتي ماجدة اني مشيت عشان العيال تعبوني .
رفعت احدي حاجبيها متعجبة وأكدت له بقوة
والله انت اللي محتاج تستوعب اني مبقتش مها الهبلة الخنوعة بتاعت زمان يا عامر لااا اني دلوك واحدة فرمتها الظروف وأنها جت على نفسها من أول مرة اتنازلت عن حقوقها كزوجة مع اخوك كنت المفروض زمان اقف في وش الكون كله وأهبش حقي من اللي ظلموني بس لما ركبت قطر التنازل اللي جر وراه محطة الخطيئة بقت تذكرة رجوعي غالية قوووي بس على ما وصلت دفعت التمن غالي وانت عارفه كويس
ثم أخرجت تنهيدة حارة وأنزلت بصرها وأردفت قائلة بنبرة محملة بأثقال من الهموم
زمان كنت هخاف من كلام الناس وملام امي وأوامر خوالي اللي هتتحدت عنيهم ودفنت حالي ورضيت باللي مترضاش بيه اي ست وكان علي يدك بس خلاص دفعت التمن غالي ومش هعيد الماضي الأليم دي تاني وياك يا عامر مهما سقت عليا الخلايق كلاتهم مش هبص غير لحالي واللي يسعدني ويرضيني وبس علشان دي حقي اللي ربنا ادهولي.
كان يستمع اليها بقلب يخفق ۏجعا بل ېنزف دماء الحيرة والتعلق بها ماذا يفعل هو الآخر بقلبه لم يستطيع إخراجها منه ولو يوما واحدا كي يجرب كيف تكون نظرة الحياة له بدون وجودها فيها ما بك ايها الحب الغريب لم يستطيع فهمك أحدا
قدر واثق الخطى يهبط على قلب بني آدم ويرغمه على الرضوخ ضد إرادته ضد ظروفه والأدهى أنه يجبرك أن تتحمل النتائج وترضخ لها عنوة وڠصبا !
مشاعر مختلفة الفراق والحبيب أمام أعيننا الغربة والوطن محتومين علينا
فالمشاعر عين تشير للجسد والجسد يعطي أوامره للقلب وليس العقل والقلب يتغشم ويلقي حاله في غيابات جب المشاعر دون أن يرأف أو يسمح للعقل بتمعن الظروف
التي تليق بك ايها القلب ام لا
بعد أن أنهت كلماتها ناولها يده كي تعطيه الطفل دون أن يرد على كلمة واحدة مما قالتها فقط عيناه اللائمة هي من قامت بالواجب معها ضمت الطفل النائم إلى صدرها بحنو بالغ وقبلته بنهم والشعور بالحنين يسرى بجسدها مجرى الډم في العروق
ثم ناولته الطفل بأيد ترتعش ويصعب عليها اعطائه له فقد شعرت بدفئه بين أحضانها بشدة ولكن قوت حالها وأعطته إياه ووجهت أنظارها بعيدا عنهم ثم حمل اطفاله وخرج ليعود بقلب محطم فقد جاء آملا وخرج خائبا
أما هي تنفست الصعداء فور خروجه ثم خطت طرقة منزلهم الطويلة ودخلت إلى المطبخ كي ترى والدتها ماذا تفعل وتلوم عليها لأنها تركتها وحدها مع ذاك العامر فاندهشت وهي تراها تشعل
الخلاط الكهربائي وأمامها كمية الطماطم الكثيرة تلك ويبدو أنها نست أمرها أو يبدوا أنها هي التي تناست
ثم سألتها بذهول
هو انتي نسيتي ان عندنا ضيف برة راجل غريب وقاعدة اهنه تسبكي وټضربي طماطم وسبتيني لحالي وياه !
رفعت حاجبيها وهتفت باستنكار
وهو عامر ضيف يابتي دي عشرة عمر وصاحب مكان واني قلت اسيبكم تدردشوا مع بعض شوية هو هياكلك يعني
ضيقت عيناها ووجهت لها سؤال بذهول
وه هو مبقاش راجل غريب عني ولا ايه !
لو سمحتي يا امي لو جه تاني بلغيه اي وقت اني مش موجودة مش عايزة أقابله خالص .
تحدثت والدتها بنبرة صوت فخورة وإطرائية وهي تمدح ذاك العامر
ليه بقي إن شاء الله دي جدع متربي وزين وعمر العيبة ما طلعت منيه وشكله راجع وناوي علي خير افتحي إنتي سكة الخير وياه ومتقفليش على حالك يابتي اني قريت في عينيه أنه رايد الود والقرب واني عيني متكذبش أبدا.
اهتز فكها ساخرا من كلام والدتها وكأن الجميع اتفقوا اليوم على قهرها
وأني بقولها لك اهه بكل تصميم واحنا لسه هنقول يا هادي اني ولا عايزة ود ولا قرب ولا عايزة المحه خالص .
لم تعطي ماجدة لحديثها أهمية وفسرت موقفها ذاك على أنها رافضة مبدأ دخول أي رجل في حياتها وليس عامرا بالتحديد وأنها لن تتعافي من صډمتها بعد فهدئتها بكلمات أتت ببالها كي تهدأ وبعد ذلك تفاتحها بهدوء
ماشي يابتي اللي على كيفك روحي يالا انت البسي وروحي على شغلك علشان متتأخريش .
شهقت مها بشدة وهي تتذكر جاسر وأنها أغلقت الهاتف في وجهه فور رؤيتها لعامر وسماعها أولى كلماته فض رب الخۏف بأوردتها والآن هو بالتأكيد يستشيط من ما
متابعة القراءة