رواية وبقى منها حطام انثى(كاملة جميع الفصول) بقلم منال سالم
المحتويات
جلست عليه واضعة نظارتها الشمسية على عينيها لتحجب عنها ضوء الشمس فقد بات ذلك الضوء بمثابة ذكرى مؤلمة نبشت بصندوق ذكرياتها الموجعة
ها قد تذكرت ما مرت به خلال الثلاث أعوام المنصرمة
أوجاع تلتها أوجاع وذكريات تبعتها أخرى أضنت قلبها وعقلها
تركت لهواء البحر مهمة تجفيف عبراتها المتجمدة وأخذت تتنفس بعمق لتسيطر على نفسها الهائجة كموج البحر الذي تطالعه
وبتثاقل مصحوب بالإرهاق نهضت من مكانها لتعود من جديد لتكمل خطواتها فلم تعد لديها رغبة في البكاء على الأطلال أكثر من هذا لقد انتهى عصر الأحزان وبدأ عهد الآمال
انتهى شتاء عاصف من حياتها وصيف مثير على وشك البدء في القادم من عمرها
ونبحث بين طيات عقلنا
عن جانب السعادة الخفي في حياتنا
الفصل التاسع عشر
تحسست إيثار بكفها ملمس القماش الناعم المغطي للمقعد الممتد الطول ولكنها شعرت بشئ غريب ربما فقدت قدرتها على الإحساس بالمثيرات من حولها أو شعرت بمرارة طعم الحياة گكل
أراحت رأسها وتمددت بجسدها على المقعد وصوبت بصرها من خلف نظارتها نحو السماء المشعة بضوء الشمس
_ ورغم ضوئها الساطع إلا أنها بدت في عينيها مظلمة سوداء لا تشعر بجمال صفوها خاصة أنها ببداية فصل الصيف ولا باعتدال الجو ودرجات الحرارة
كان هجوم ذكرياتها ذكرى تلو الأخرى هجوما عڼيفا تصدع له القلوب تشعر بلوعة الإشتياق والتي لايضاهيها شعور ويؤلمها شعور الخزي والحسړة بينما ينهش بها شعور الفقدان والمڈلة لغير الله
ولكنها علمت حكمة الله في قضاه فيما بعد فلم يشأ المولى أن يتوطد الرابط بينها وبين هذا الطالح وخيرا خيرا ما حدث
عودة بالوقت السابق قبل ثلاث سنوات
_ دلف الطبيب لحجرتها لكي يطمئن على حالتها المتدهورة ويعاود فحصها وعقب غرزه للأبرة المحوية بالمحلول الطبي وتفحصه له اتجه نحو الباب و كاد يترك الحجرة وينصرف ولكنها استوقفته
بصوتها الواهن فاستدار نحوها وبلهجة ضعيفة يتملكها الوهن رددت
نطق الطبيب مترقبا وقد قطب جبهته بفضول زائد
مساعدتي!! في اي بالظبط
_ ابتلعت مرارة حلقها وهي تجاهد للنطق بحروف متقطعة وهي تمسح بكفها على جبينها
انا آآ جوزي ي يعني اعتدى عليا بالضړب و و
آآ
قاومت إنهيار عبراتها لكنها لم تستطع فالأمر أكبر من قدرتها على الإحتمال
تساءل الطبيب محاولا مساعدتها وإستكمال القطع المتناقصة من كلامها
وكان السبب في إجهاض الجنين!
أجابته إيثار وهي تهز رأسها بتحسر مټألمة
آآآه اا انا انا عايزة حقي وحق ابني اللي مشافش النور و وكنت عايزة حاجة تثبت كلامي عشان آآآ
بادر الطبيب قائلا بثبات وهو يوميء برأسه متفهما تقاضيه بيها! يعني تقدميها للمحكمة صح كده !
تحول وجه إيثار للوجوم وظهرت في نظراتها وخلف جفنيها روح الإنتقام والعدائية واجابته بمرارة
ايوة عايزة تقرير طبي بحالتي كاملة وآآ يا ريت لو لو أمكن ت توضح الضرر اللي آآ
_إشرأب الطبيب بعنقه ليجوب بناظريه الخارج جيدا ليتأكد من عدم متابعة أحد له ثم اعتدل في وقفته واخفض جزعه قليلا وهو يتكلم بصوت خفيض
ماشي انا هعملك تقرير طبي وافي فيه حالتك وحالة الجنين اللي نزل وهيكون مفصل فيه آثار الكدمات
والخدوش اللي بسببها خسړتي الجنين يعني هعملك تقرير تاخدي بيه حكم من أول جلسة لوقوع ضرر عليكي !
وكأن بريق الأمل قد تراقص في مقلتيها الدامعتين فتابع بحسم
انا عندي اخوات بنات زيك كده وقريبين من سنك واللي شوفته فيكي محبش اشوفه في اهل بيتي يا مدام ولا في حد أعرفه وعشان كده هساعدك متقليش !
ضغط بكلماته على چرح علاقتها مع أخيها
_ فابتلعت حديثه الذي آثار ذاكرتها نحو فعلة أخيها أخيها الشقيق الذي زج بها للتهلكة ودهس مشاعرها بنعل حذاءه قبل أن يتركها خلف ظهره ويمضي
_ وكانت تلك هي أولى خطوات الخلاص منه
لم تكل أو تمل فلم يعد هناك جدوى من البقاء مع من إرتضى أن يخدعها وېهينها من أجل الظفر بطفل ذاك الطفل الذي لم يقدر له الحياة
مرت الشهور عليها وهي تنتظر حكم المحكمة القضائي بالطلاق منه لوقع الضرر وكأنها أدهر كان محسن في مناصفتها منذ الجلسة الأولى ورفض تطليقها ولكن قضت المحكمة بحكمها وحصلت في النهاية على حريتها ولم تكتف بذلك فقط بل أرادت تأمين حياتها لذا لجأت إلى هيئة النيابة الموقرة لتحرر محضرا ضده بعدم التعرض لها بأي شكل كان
_ ومنذ أن حصلت على حريتها مرة أخرى تركت ما مضى خلف ظهرها وتخلت عن التقاليد والعادات وقررت الرحيل عن أسرتها وقامت بمتابعة سير العملية التعليمية خاصتها بمفردها أجل بمفردها
_ حيث أقامت بالسكن الدائم المسمى بدار المغتربات في محافظة الأسكندرية واستغلت بطاقة هويتها والمدون بها محل إقامتها بالقاهرة حتى تضمن موافقة مسئولي الدار على انضمامها لقائمة القاطنات بها
وبالفعل وفقت في ذلك وسكنت الدار طوال ما تبقى من فترة دراستها ما يقرب من العامين والنصف
_ ومن بعد ذلك وأمام رغبة والدتها الملحة طوال هذه المدة للعودة لمنزل أسرتها عدلت نوعا ما عن رأيها و تخلت عن تعندها وعادت لمنزل أبيها لتسكن حجرتها گغريبة عنهم
تشاطرهم المكان لكنها لا تشاطرهم ما يخصها
قلت التعاملات بينها وبين أخيها وأبيها وأصبحت نادرة بدرجة واضحة
كانت تضع عملها ودراستها في المقام الأول لها
_ نعم لقد عرضت عليها إحدى زميلاتها بالدار العمل گمربية وجليسة للأطفال لواحد من أفضل المكاتب الأسرية التابعة لوزارة التضامن الإجتماعي مقابل الحصول على راتب مجزي فوافقت عليها إيثار بعد تفكير متأني
هي أرادت الإستقلال الخروج من الحيز الضيق الذي فرض عليها
وبالفعل وجدت في تلك الوظيفة مؤنس لها ومساعد لقضاء وقت فراغها وسط الكائنات الصغيرة الملائكية والتي تعشقهم عشقا من نوع خاص
وبعد أن أتمت دراستها كان من المفترض أن تترك تلك الوظيفة وتتقلد وظيفة أخرى تناسب مجال دراستها ولكنها رفضت ذلك وتخلت عن أحلامها فقد تعلق فؤادها بالأطفال وأحبت مهنتها حبا جما
إيثار
_ عادت هي إلى أرض الواقع على صوت أخيها الذي هتف مناديا بإسمها
أشاحت بصرها ووجهها بعيدا عنه وهي تنبذ اقترابه منها ثم نطقت بتذمر واضح في نبرتها
خير !! اي الحاجة الكبيرة اوي اللي حصلت وخليتك تيجي بنفسك هنا !
ضغط عمرو على شفتيه وأجابها وهو يبتلع أسلوبها الفظ في الحديث معه
بابا ياإيثار تعبان أوي ولسه الدكتور نازل من عندنا من شوية لازم تيجي تشوفيه يا إيثار ده طلبه !
_ ابتسمت من زاوية شفتيها بتهكم ثم أردفت بلهجة قاسېة متحجرة
انت الحيلة و ابنه الكبير خليك انت جمبه انا ماليش لزوم
_ اقترب منها ثم انحنى بجسده ليجلس جوارها
حدق بها لبرهة لكنها لم تعبأ به وكأن وجوده والعدم سواء
تنهد بعمق ثم مد يده لينزع نظارتها الشمسية التي تحجب عنه رؤية عينيها وإذ به يتفاجأ بالعبرات العالقة بأهدابها وبقايا الدموع التي جفت على وجنتيها
تفاجئت من فعلته ورمقته بنظرات حادة وأشاحت وجهها بعيدا
سکين حاد النصل انغرز بين ضلوعه وجثى على صدره حجر صوان بعد أن رأى الوهن داخل مقلتيها فأجفل بصره بندم بين ثم نطق بصوت خفيض
تلات سنين ومنسينيش مكانش قلبك أسود كده ياإيثار
ابتسمت بسخرية مريرة وقد ظهرت علامات الإستنكار على وجهها وهتفت بحنق
أسود!! هو في أسود من الأيام اللي عيشتها بسببكوا شبابي ضاع وانا لسه
مكملتش 25 سنة حاسة اني ست عجوزة مكرمشة من كتر القهر اللي شوفته وحسيت بيه جاي تقولي اسود !!!!!
_ تحسست ذراعيها بكفيها وكأنها تتذكر
ارتجفت أوصالها وهي تتذكر قسوته في معاملتها والخدعة التي سقطت أسفلها وما كانت له سوى وسيلة رخيصة للوصول لمبتغاه الطامع والغير عادل
انتفضت پذعر وهي تقاوم أبشع اللحظات في علاقتهما الحميمية التي أجبرت عليها ثم أطبقت جفنيها وهي تذكر قائلة
لسه فاكرة كل حاجة قڈرة كان بيعملها حتى كلامه الژبالة اللي
شبه وطريقته الشوارعية كل حاجة مغابتش عن بالي !
بدى التأثر على وجه عمرو فهو لم يهنأ من ضميره الذي لامه بشدة على فعلته
مد يده بحذر نحوها وربت على ذراعها بحنو وقد أثارته كلماتها فرد عليها بحذر
كل حاجة أنتهت وخلصت ياإيثار وبقالك أكتر من سنتين ونص حرة انسي و عدي كل حاجة وارميها ورا ضهرك انسي !!!
ردت عليه إيثار وقد سبقت عبارتها الساخرة قهقهه عالية
حاضر هنسي اصلي ماشية بالريموت ! بمزاجكم أفتكر ووقت ما تعوزا مني أنسى هانسى !
_ جذبت نظارتها من يده الأخرى ثم نهضت عن جواره وأشارت له بعينيها لكي يفسح لها المجال حتى تطوي المقعد الخاص بها ففعلت ما أرادت دون أن ينطق ووقف قبالتها ليكون حائلا بينها وبين المقعد ثم أردف بنبرة جادة
إيثار لو لسه ليا عندك ولو شوية معزة لازم تيجي معايا وتقعدي مع بابا بابا بېموت ياإيثار أرجوكي
_ حدجته بطرف عينها بنظرات قاسېة فتوسل لها برجاء أكبر
أطرقت هي رأسها بإستسلام وردت عليه بتنهيدة عميقة
ماشي
تهللت أسارير عمرو و انفرج ثغره بفرحة جلية وهو يهتف بحماس بعد موافقتها العسيرة
يبقى يلا بينا وانا هشيلك الكرسي بنفسي ياستي
_ لم تبد اهتماما بما قاله بل تحركت للأمام وقام هو بطي المقعد ولاحقها بخطوات أشبه للركض حتى أصبح جوارها في سيرها
_ كان الكبر قد ظهر على تجاعيد وجهه وقد جعل المړض منه كهلا كبير السن وكأنه أضعاف عمره
منذ زمن لم تنظر هي لوجه أبيها رحيم تشعر وكأنه تغير كثيرا فتحول من الرجل الحاد الطباع الذي اعتادت عليه ليظهر أمامها عجوزا واهنا ضعيفا لاحول له ولا قوة
رق قلبها إليه وأشفقت على حاله العاجز هو أبيها رغم كل شيء تشتاق إليه تريد التنعم بحضنه الأبوي الدافيء تتلهف للإحساس بخوفه الفطري عليها لكنه أضاع كل شيء بفعلته وهي لم ترد أن تظهر ما تكنه أمامه فعقلها أجبرها على الصمود اظهار القسۏة هي لم ولن تنسى فعلته بحقها وما زاد من الأمر سوء هو عدم
متابعة القراءة