رواية المــافيـــا والحب (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
المحتويات
مختلطا برائحته المميزة مما شوش تفكيري وأصابني بالمزيد من الارتباك. انتصبت شعيرات جلدي عندما سألني من مسافة بدت قريبة .. للغاية
ماذا تفعلين هنا
استخدمت نفس رد شقيقتي قبل وقت سابق في إجابته
هل محظور التجول هنا
رأيته رغم خفوت الإضاءة هادئا بشكل عجيب لا يبدو متفاجئا بوجودي سار بتريث تجاهي ويداه موضوعتان في جيبي بنطاله ثم نطق ممازحا
كدت ابتسم لكني قټلت البسمة في مهدها لا أريده أن يعتقد في تأثيره القوي علي دارت في رأسي فكرة سخيفة سرعان ما استبعدتها هل أنا من سأنجح في إيقاعه في شباكي أم أن العكس هو ما سيحدث
من هؤلاء
توقف على مسافة نصف متر ثم غاص بنظراته الثابتة في عمق عيني تلبكت من قوة النظرات التي تخترقني في يسر وتنفذ إلى رأسي كأنما تقرأ ما يحيرها من خواطر ومع هذا لم أحد بحدقتي بعيدا عنه كنت أتحداه بطريقة أخرى قد تكون ساذجة لكنها على أي حال تجدي نفعها. انفرجت شفتاي في ذهول عندما أجاب بصراحة صدمتني
سألته في نزق وعيناي على اتساعهما
لك أنت
رد هازئا مني
ومن سواي سيودعها
مثل هذه الكلمات كفيلة بإفساد الزيجة قبل إتمامها بيومين لكن نحن نتحدث عمن يستطيع فعل ما يشاء دون اعتراض أو لوم. فارت دمائي في التو وأحسست بحړقة عظيمة ټضرب في أحشائي هتفت في غيظ وأنا أصر على أسناني
سألني وشبح ابتسامة يلوح عند زاوية فمه
أتغارين
من فوري رددت في توتر يشوبه القليل من العصبية
أنا لا إنهن حثالة لا أقارن بهن.
تفرس في ملامحي بتدقيق كأنما يكشف
كڈبي المفضوح وسألني في تسلية
حصار أسئلته كان كفيلا بمضاعفة توتري لهذا نفيت في الحال بشدة وذرعاي ينحلان عن عقدتهما
من قال هذا أنت الزعيم حر في أفعالك ولا يجب استجوابك.
لم يكن مقتنعا بردي كليا فأنا أكاد استشعر نظراته النافذة تجوس من حولي ولم أحاول تبرير موقفي أكثر من ذلك بالرغم من اندفاعي لسؤاله كأنما أعاتبه بشكل مستتر
لن تفرضي علي قيودك في منزلي.
تجهمت لوقاحته وعقبت في عبوس
معك حق هذا منزلك ونحن لا نزال ضيوفك بعد...
ثم بدأت في الاستعداد للمغادرة وأنا أكمل جملتي
لذا أنت حر فأنا لم أتلو عهود الزواج بعد لأقيدك.
حتى وإن أصبحت كذلك فهذا نمط حياتي.
كلماته كالخڼجر المسمۏم انغرست في قلبي ونحرته بلا هوادة الټفت ناظرة إليه كدت ألامس بجانب ذراعي ذراعه رفعت رأسي للأعلى وقلت بكبرياء وعزة نفس
فهمت لا داعي لتذكيري بأني الطعم المناسب لخداع الأغبياء حتى يصدقوا في هذا الاتحاد الزائف.
قال بلا ابتسام
جيد.
استدار كلانا نحو الجدار الزجاجي حين نادى لوكاس عاليا من الخارج
فيجو ما الذي يؤخرك بالداخل
أجاب عليه من موضعه ونظراته تعاود التحديق في
أنا قادم.
كنت مثله أنظر إليه من مكاني لكن سرعان ما أدرت وجهي وهمهمت في خفوت بغيظ شديد كنت متأكدة من انعكاسه على ملامحي
لتصابوا بالټسمم جميعا.
يا إلهي إنهم يهجمون علينا.
أطبقت على جفني بقوة
لا تخافي أنت معي هنا في أمان.
جاء على سد هش فأطاح به دون عناء. هدأ روعي بعد برهة وانتبهت لما فعلته عفويا أنا لا أزال قابعة في حضنه تلفني ذراعاه تخشبت وانتفضت متباعدة عنه وأنا خجلى للغاية من نفسي لم أقو على النظر إليه فقط أحسست بانبعاث سخونة حرجة من وجنتي. لئلا تلعب الظنون برأسه أبديت ندمي على ما اعتبرتها رعونتي الهوجاء
معذرة لم أقصد...
تنبهت لكون سبب هذه الفرقعة جراء فتح إحدى زجاجات الخمر فاصطدمت الفلينة الخشبية بالزجاج مما تسبب في إحداث هذا الدوي القوي خاصة مع الهدوء السائد في هذه الساعة المتأخرة. رفرفت بأهدابي ثم لعقت شفتاي لأرطبهما وأضفت مبررة
كنت أظن أحدهم أطلق ڼارا بالخارج.
صمت فيجو للحظة قبل أن يقول في هدوء غريب وعيناه مرتكزتان علي
لا تقلقي!
نظرت إليه نظرة سريعة فكانت عيناه لا تزالا معلقتان
جاء صوت لوكاس مناديا بصبر نافد
هيا يا فيجو أنت تضيع وقت المرح.
تذكرت ما يحدث بالخارج فانسحبت دون أن أقول شيئا وشحنات من مشاعر الذنب تتدفق علي كأمطار كاسحة تزيح في طريقها كل ما هو ضعيف ومحطم. نفخت في حرج وأنا أصعد على الدرج معنفة نفسي بقساوة
ما هذا الغباء!
كيف أفعل ذلك أنا حمقاء!
..............................................................
حين عدت إلى غرفتي كانت أنفاسي سريعة غير منتظمة كنت ألهث إلى حد ما استشعر انتفاض دقات قلبي المفطور
لماذا أحزنتني صراحته هكذا وأثقلت صدري بالهموم أليس هذا ما يفعله غالبية الزعماء الزواج من واحدة مناسبة وممارسة طقوس الحب أخريات! ارتكنت بظهري إلى الباب بعد أن أغلقته ورائي وأبقيت الحجرة على ظلامها فڠرقت في السواد الذي بدا وكأنه يخيم على كلي اتجهت بناظري نحو الشرفة المفتوحة فتسلل منها ضوء القمر من خلف الستائر المتأرجحة في نعومة جراء النسمات الليلية اللطيفة ليتني مثلهم أغدو وأروح دون أذى! ارتفع صدى أصوات الضحكات المائعة فانقبض قلبي واعتصره الحنق تساءلت في تشكيك كبير
هل حقا سأنجح في إيقاع فيجو في شباك حبي أم أنها أوهام أخدع بها نفسي
بعد الذي سمعته لم أكن واثقة من شيء أصبحت خططي متزعزعة غير موثوق في نجاحها. تنبهت من جديد لأصوات محركات السيارات إيذانا بمغادرتها باحة القصر فسالت دموعي غزيرة في قهر عادت الأسئلة الحيرى تتصارع في رأسي والضيق الشديد يستبد بي
لماذا أبكي لما أنا حزينة هكذا
إحساس الخېانة موجع للحد الذي يميت مؤلم لدرجة تهشيم الروح لا يمكن مطلقا المسامحة أو طلب الغفران فيه خاصة إن كنت على علم تام بوقوعه!
تألمت كما لم أتألم من قبل أحسست بوخزات تعتصر الروح بلا انسحابها بطعنات غدر تقطع الفؤاد دون أن تمسه فعليا ضممت جفوني على بعضهما البعض ليزداد انسياب الدموع الحاړقة من عيني تزحفت بخطوات ثقيلة
خامرت في هذه الليلة الطويلة الكوابيس المزعجة المتخمة بكل ما هو مهدد لسلامي النفسي كانت رفيقتي حتى سطوع الشمس ليترسخ في ذهني أنه لا أمل لي مع فيجو فهو كما وصفته شقيقتي غير قابل للحب! قمت من الفراش وإحساسي بالوهن مسيطر علي سرت نحو المرآة ونظرت إلى انعكاس وجهي على سطحها همست في سخط متهكم
أشبه الأشباح بهذه الهيئة المفزعة!
كانت جفوني منتفخة وأسفل عيني تجتمع حوله الظلال وبشرتي شاحبة ذابلة مطبوع عليها علامات الخزلان بالطبع لن يعجب صوفيا أن تراني هكذا بوجه منطفئ ونظرات حزينة وابتسامات غائبة لكن من أخدع نفسي أم غيرها أنا لست عروسا حقيقية تعايش بهجة تسر النفس ما يحدث هو زواج مصلحة ناجم عن اتفاقات سابقة خالية من العواطف لا عن حب ولا من ورائه ستنبثق المشاعر علي أن أرتضي بالأمر الواقع وأتقبل مصيري المحتوم منذ البداية أما عن شقيقتي فسأفكر في طريقة أخرى لإخراجها من هنا غير اتباع خطة الوقوع في الحب المزعوم!
ابتعدت عن المرآة ونظرت إلى الشرفة كانت لا تزال كم هذه الذكرى التي تحز في قلبي كلما مرت في عقلي كان من الأفضل أن أطردها عن رأسي إن أردت المضي قدما في حياتي التعيسة.
...............................................................
سطعت شمس يوم العرس وتزينت في منتصف السماء الزرقاء ليبدأ بعدها الحضور في ملء مكان إقامة الحفل والذي اقتصر على المقربين للعائلتين من القادة والمخلصين. كنت
مع صوفيا بالغرفة المخصصة لتجهيزي لم أجادل في أي شيء يتم اقتراحه علي كنت مسيرة كالبهائم تاركة زمام أمري لها ولغيرها ليفعلوا بي ما يشاؤون فقد بات الأمر سيانا بالنسبة لي ورغم فتوري الواضح وعزوفي الكبير عن المشاركة حتى بالتعليق اللفظي وأخذت تقول في حماس متقد
يا إلهي! لا أصدق عيناي صغيرتي صارت كأميرات الأحلام.
حانت مني نظرة سريعة نحو شقيقتي كانت هي الأخرى تنظر ناحيتي من موضع جلوسها على الطاولة عدت لأنظر ل صوفيا وتنهدت قبل أن أخبرها في غير مبالاة
أنت تبالغين أمي.
تأملت انبهار نظراتها ناحيتي خاصة وهي تتجول على ثوبي الرقيق المصمم خصيصا لأجلي بفتحة صدر صغيرة كالمثلث تقابلها أخرى واسعة في الظهر تصل إلى منتصفه كما تناثرت فصوص الألماس على الجانب الأمامي في تجمعات وردية رقيقة. ظل عنقي خاليا من العقود لم أرتد واحدا بعد فقط وضعت الأقراط الألماسية الصغيرة في أذني.
نظرت مرة ثانية لوجه صوفيا المسرور وهي تخاطبني
لا تقولي هذا أنت جميلة للغاية حتما سيطير عقل فيجو حين يراكي.
علقت ساخرة بوجوم
طبعا.
أضافت آن من ورائنا في تبرم وهي تؤرجح ساقها البارزة من أسفل ثوبها ذي اللون الأزرق السماوي
توقفي أمي عن المبالغة الفارغة إنه لن ينبهر.
استدارت ناحيتها والدتي وڼهرتها في ضيق مزعوج
آن من فضلك لا تعكري مزاج شقيقتك بهرائك السخيف.
احتجت عليها بعناد طفولي
يا أمي إنها...
قاطعتها في صرامة وهي ترفع سبابتها أمام وجهها لتخرسها
لا تتكلمي!
ردت عليها آن في تجهم أكبر
سأبتلع لساني وأصمت.
تحولت نظراتي مرة أخرى نحو صوفيا وهي تتودد إلي بلطافة
قطعة السكر إنها تمزح معك سيعجب فيجو بك كثيرا.
أخبرتها بكذب وطيف ذكريات الخېانة المقنعة تحت شعار توديع العزوبية يحوم في مخيلتي لېحرق كبدي
لا أهتم صوفيا حقا لا أهتم.
نهضت من على مقعد التسريحة فور أن انتهت المصففة من عملها والټفت نافضة مقدمة ثوبي أمامي لأفرده رفعت ناظري نحو صوفيا عندما مدت يدها قائلة
امسكي بباقة الورد.
حذرتني آن في صوت جاد مهدد وهي تقوم من على الطاولة
إياك أن تلقيها في وجهي سأمزقها وأحرقها في الحال.
ابتسمت وقلت بإيماءة خفيفة مؤكدة
حسنا لن أفعل.
أتى من الخارج صوت مكسيم المتسائل بعد طرقة مسموعة على الباب
هل انتهيتن يا فاتنات
من تلقائها أجابت صوفيا في مرح
نعم سيد مكسيم.
أخبرها بنفس الصوت المسموع للجميع
حسنا أنا انتظر كنتي الجميلة لاصطحابها.
ردت عليه في نبرة متحمسة
لحظة واحدة...
اقتربت صوفيا مني وطرحت على وجهي باقي الوشاح الخفيف لأحتجب به عن أعين الناس هاتفة في تشديد
لا ترفعيه هذا يضفي المزيد من الغموض والإثارة.
همهمت آن ساخرة في نقم
وكأنه لا يعرف شكل وجهها.
ردت عليها أمي بصوت خفيض موبخة إياها
يوم عرسك لن نبذل أي جهد في تزيينك سنقدمك لعريسك هكذا بلسانك السليط وهو سيتولى الباقي.
دنت منها وقالت في تحد
ولما الټضحية بي يكفي أن أبقى هكذا بلا زواج فهذا ابتلاء لا أطيقه!
رأيت صوفيا
تقرص شقيقتي من وجنتها قائلة بمرح
لنعطيك بعض الحمرة الخجلة.
دفعت بيدها بعيدا عنها وقالت بتجهم
أمي توقفي.
مرة ثانية جلجل صوت مكسيم مناديا في غير صبر
هيا لن نمضي اليوم بأسره هنا.
انتفضت والدتي في توتر وهتفت وهي تهرول نحو الباب لتفتحه
العروس قادمة سيد مكسيم.
قبل أن تدير المقبض نظرت إلي بهذه النظرة الحنون المليئة بالطيبة ثم استطردت تخاطبني في تحفيز كنت متأكدة أنه لن يجدي نفعا في حالتي البائسة
ابتهجي صغيرتي إنه يومك المنشود ............................................ !!
.........................................................
الفصل السابع عشر
إنها
متابعة القراءة