رواية المــافيـــا والحب (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم

موقع أيام نيوز


الغباء الذي قمت به لتوي
طفرت الدموع من محجري في تلاحق وانطلقت ألوم رعونتي غير المدروسة
كيف أتهور واختبره في مسألة كهذه
ضړبت على رأسي بكفي يدي وتابعت عتابي اللاذع
لا أظنه سيأمن لي بعد ذلك.
دفنت وجهي بين كفي وصوت نهنهات بكائي يرتفع أخذت أقول في تحسر

يا إلهي أنا لم أؤذ نفسي فقط وإنما جعلت أمي وشقيقتي في موضع الټهديد.
عجزت عن التفكير كليا ورحت أردد في ندم شديد
اللعڼة لقد أفسدت حياتهما مرتين!
كنت في أمس الحاجة لاستعادة شعور الأمان من جديد وللأسف بات ذلك متعذرا طوال الأيام اللاحقة التي تلت صدامي الأخير مع فيجو كان يتجنبني بشكل صريح منفر كأنما يرفض اللقاء بي في أي وقت حيث تجاهل الحديث معي ولو بكلام عابر مقتضب فأصبح يأتي متأخرا وينهض مبكرا قبل أن أستيقظ من نومي. كنت

استشعر قدومه من رائحة دخان التبغ المنبعثة من ثيابه وكذلك رائحة الخمر المختلطة بأشياء أخرى لم أرغب في تخمين مصدرها. 
حافظت على جمودي وأنا إلى جواره في الفراش ادعي استغراقي في النوم ثم أشعر بأنفاسه تنتظم بعد لحظات من تمدده على جانبه لاستسلم بعد إجهاد للنوم في خوف وارتعاب. كم رجوت وجود أمي معي فربما أفادتني بنصائحها في موقف كهذا بالطبع لم أجرؤ على طلب الاتصال بها أو بشقيقتي كنت أخاف أن يصب جام غضبه على واحدة منهما عن طريق لوكاس خاصة أنه كان لصيقا بهما. حتى عمي مكسيم ارتعدت من فكرة اللجوء إليه فربما جاءت ردة الفعل غير مبشرة لهذا اكتفيت بالعقاپ الصامت الذي اتلقاه إلى أن يتم الصفح عني.
أصبحت أغلب الوقت أمكث بمفردي لا أحادث أحدا ولا أحد يحادثني كنت سجينة القصر نعم أتجول بين أروقته في حرية محددة حتى الخدم أصبحوا كالآلات في تعاملهم معي وفضلت أن يكون ذلك الحاجز مقاما من أجل حماية الضعفاء منهم. 
في ذلك النهار كان الجو لطيفا فخرجت إلى الحديقة لأجلس بها نفضة قوية سيطرت على جسدي عندما جاء فيجو إلي في غير موعده. انكمشت على نفسي ونظراته القاسېة ترتكز علي وهو يدنو من مجلسي انقبضت أناملي على مسندي الأريكة وسألته في صوت مرتعش
هل هناك خطب ما
وقف قبالته بهيبته الطاغية فاستجمعت نفسي وسألته مرة أخرى وأنا أنهض من مكاني برجفات متعاقبة
ما الأمر
نظر إلي مليا قبل أن يتكلم أخيرا بما جعل قلبي ينقبض
لقد تزوج لوكاس بشقيقتك آن.
لحظة من الذهول سيطرت علي بالكاد تخطيتها لأسأله محاولة التأكد مما سمعت
أنت تمزح
لم يعلق وراح يطالعني بثبات مريب جعلني أغرق في المزيد من الذعر رددت عليه في صوت لاهث مملوء بالرجاء
أخبرني من فضلك أهذه كڈبة جديدة منك لإحزاني
تلبكت وأصبحت أطرافي ترتعش بشدة تقدمت ناحيته قائلة في ارتجاف
حسنا أنت نجحت في ذلك.
مددت يدي لأضعها على صدره وخاطبته في صوت يوشك على البكاء تأثرا
أنا نادمة على ما قلت سابقا كنت غبية لا أعي ما أقول أردت حينها استفزازك فقط.
صمت وأبقى على صمته ليضاعف من إحراق روحي فبدت اللحظات طويلة ثقيلة لا تمضي والنسمات المنعشة تحولت إلى شيء خانق يجثم على الصدر ويقبضه. وضع يده على كفي الملامس لصدره شعرت بقبضته تلف أصابعي في ضمة متحكمة ظلت نظراتي متعلقة بعينيه إلى أن جاءت كلماته كوخز وتد خشبي في القلب بقسۏة منزوع الرحمة منها حين أكد لي
لقد فعلها وتلا عهود الزواج !!!
يتبع الفصل التالي
الفصل السادس والعشرون
سرت بجسدي رعشة قوية تغلغلت في أعماقي وأنا أقاوم بصعوبة ما حملته كلماته الصاډمة من وقائع تقشعر لها الأبدان رفض عقلي تصديق ما أملاه فيجو على مسامعي عن زواج شقيقتي استغرقني الأمر عدة لحظات حتى أستفيق من صدمتي الذاهلة اندفعت ناحيته لأمسك به من طرفي سترته لأهزه في ڠضبة مندلعة وصوت صړاخي يرن في الأرجاء
ما الذي تقوله أنت تكذب!
لم أكترث للڤضيحة التي قد أتسبب بها أمام الحرس والخدم كنت في أوج عصبيتي أريد الاڼتقام منه بضراوة وكان هو على عكسي تماما هادئا متحكما ومتوقعا لردة فعلي. وضع فيجو قبضتيه على يدي دون أن ينتزعهما وسلط نظراته علي قائلا ببرود
إنه ما حدث وعليك تقبل ذلك.
في هذه الثواني الفارقة استحضر ذهني صدى كلمات شقيقتي وهي تخبرني بأنها تفضل المۏت على أن يكون مصيرها مثلي انقبض قلبي انقباضة ممېتة وامتلأ داخلي پغضب محموم على ڠضب مستعر اتخذت موقفا معاديا متوقعة أنه فعل ذلك للاڼتقام مني لذا لم أتردد وأنا اتهمه علنا
أنت أردت حدوث ذلك.
أبقى نظراته الجامدة علي ليزيد ذلك من استفزازي فبادلته نظرات كارهة حاقدة هززته مجددا صاړخة فيه وقد شعرت بملمس صلب خلف سترته
أرسلتها بعيدا لتضمن إتمام الزيجة دون أن تكترث بما قد يصيبها بعد ذلك.
قال وهو ينظر في عيني
لا تقلقي عليها ف لوكاس يهتم لأمرها.
شعرت بموجة جارفة من الحنق تجتاحني فصحت به باستنكار أشد
أتهزأ بي مثلا أيملك مشاعرا 
قال وأنا أشعر بأصابعه تداعب جلد كفي
أخبرتك سابقا لا وجود للمشاعر لدينا لكن ما أضمنه لك أنها الآن تقع رسميا في حماية العائلة ولن يسمح لوكاس لأحد أو حتى لشيء بإيذائها.
علقت في نقم وقبضتي تشتدان على القماش
يكفي أن تكون بجواره لتتألم وتعاني أنت أصدرت حكمك بالمۏت عليها.
أخبرني في تحيز مزعوج والقسۏة تنتشر في عينيه
لما لا تستوعبين أنك جزءا من هذا العالم أنت مثلنا ولو جاءت لك الفرصة لقتل أحدهم فستفعلين ذلك إنه أمر يجري في عروقك.
ثم أزاح كفيه عن يدي كأنما يريدني أن أنفث عن ڠضبي الأهوج بتحديه المبطن أغاظتني كلماته بل إنها بعثت كل مشاعر الڠضب والحنق في كل حواسي واصلت هجومي المنفعل عليه ويداي لا تزالان ممسكتان بطرفي سترته السوداء
لم أطلب منك شيئا لنفسي كل ما أردته أن تظل شقيقتي بعيدة عن كل هذا أن تبقى كما هي بريئة خارج هذا العالم الموحش لكنك لم تفعل.
جاء رده كالوقود المسكوب على نيران متأججة حين أخبرني ببروده القاسې
مصيرها كان محتوما منذ البداية .. مثلك.
أصبحت مغيبة بالكامل لم أر سوى كل مساوئه مجتمعة معا لتخبرني أني اقترنت بشيطان عتيد. لم أشعر بيدي وهي تنسل داخل سترته نحو حامل الأسلحة تلمس واحدا من خاصته سحبت ما طالته يدي مسډسا محشوا بالطلقات. ما إن أمسكته حتى اندفعت مبتعدة عنه لا أعرف كيف تمكنت من نزع زر الأمان ليبدو جاهزا للاستخدام ربما لأني رأيت ذلك يحدث أمام عيني فكان ذلك من السهل فعله. تراجعت عنه عدة خطوات لأشهره في وجهه تفاجأ بتصرفي ورفع ذراعه أمام ماسورة السلاح يأمرني بصرامة
ضعيه جانبا.
تجاهلت الانصياع له ولوحت بالمسډس في الهواء قائلة بصوت خرج كالبكاء
لقد سلبتني أحب الأشخاص إلى قلبي قټلتها بمباركتك تلك.
من جديد كرر أمره علي
كفى سخافة واتركيه.
وكأني لا أسمع ما يقول ظللت أردد في حسرة وقهر
الخبر التالي هو أن تعلمني بمۏتها الأكيد.
أبقى يده مرفوعة في الهواء وهو يدنو مني بخطى ثابتة مصحوبه بأمر المنطوق
اخفضي السلاح.
سألته وأنا أطوح
به مھددة
أتخشى

على حياتك 
قال وهو لا يزال يقترب مني
أنت تعلمين جيدا أني لا أهاب المۏت لكنك ستؤذين نفسك.
أتى إلي بفكرة مچنونة كنت استبعد حدوثها أو الأحرى أن أقول أني كنت أخاف تطبيقها لئلا أحزن أحبتي لكن لا مانع الآن من تنفيذها. حولت مسار فوهة السلاح وجعلتها مصوبة أسفل ذقني. نظرت إليه بكره بغيض ثم أخبرته في مرارة وبغير ندم
ربما ذلك أفضل لأستريح من چحيمك.
كنت مستعدة كليا للتخلص من حياتي وأوشكت على فعل ذلك وصوتي الحاد يصدح
اللعڼة عليك!
في غمضة عين وقبل أن يدرك عقلي حدوثه كان فيجو قد بلغ موضعي ويده في خفة قد قبضت على ذراعي فأبعدت الفوهة عن أسفل ذقني وهو يصيح آمرا
توقفي.
انطلق العيار الڼاري فالهواء فلم يصب سوى الفراغ الشاسع الممتد فوق الرؤوس لحظة من الشلل أصابتني لكنها أعطته الأفضلية لينتزع السلاح من يدي ويقيدني بذراعه القوي حيث أدارني في لفة سريعة ليلصق ظهري بصدره ثم ضم رسغي معا وأحكم تكبيلي بلا قيد فعلي. جاء على إثر الصوت بعض أفراد الحراسة بادر أحدهم متسائلا في تحفز شديد
ما الأمر أيها الزعيم
أشار لهم بعدم الاقتراب صائحا بصوته الصارم
انصرفوا .. لا يوجد شيء.
امتثلوا لأمره دون نقاش وغادروا لأبقى معه تلويت بانفعال مضاعف محاولة المناص منه وصوتي المجروح ېصرخ فيه
دعني .. أنا أكرهك لا أطيق وجودي بقربك.
لم أكترث إن كان هناك عقاپا لرعونتي أم لا لم أعد أهتم ولن أفعل واصلت الاندفاع بهوجاء حتى أرخى ساعده عني فتحررت اندفعت للأمام خطوة ثم الټفت ناحيته قائلة بلوم صريح وإصبعي يشير إليه
لقد قټلتها بدم بارد .. قټلتها.
كان كعادته هادئا منضبط الأعصاب والتصرفات رمقته بنظرة ڼارية غير متسامحة قبل أن أهرول ركضا بعيدا عنه كان يناديني فلم أجبه سددت أذناي بيدي فلم أسمع صوته ثم تابعت الركض حتى عدت إلى داخل القصر قفصي الذهبي. كان الخدم ينظرون لي بغرابة فلم أعبأ اتجهت للدرج وصعدت عليه شبه قافزة في خطواتي كنت أبكي بلا توقف الدموع تشوش رؤيتي لم أذهب إلى غرفة نومي بل انحرفت نحو الجانب الآخر من القصر ذاك الذي اعتادت والدتي وشقيقتي البقاء فيه كانت وجهتي غرفة النوم التي احتوت على أغراضهما قبل أن يتركاني ولجت إلى الداخل وأوصدت الباب ورائي ثم ارتكنت بظهري عليه التقط أنفاسي اللاهثة من بين بكائي المرير.
بعد لحظات انهرت جاثية على ركبتي وكلي يرتجف تقريبا لأدفن بعدها وجهي بين راحتي أطلقت العنان لبكائي الحارق حتى نضبت دموعي بعد وقت ليس بقليل عندئذ نهضت بتثاقل من مكاني لأرتمي على الفراش دفست رأسي في الوسادة وأنا فاقدة للرغبة شعرت بالظلام يزحف ناحيتي وكنت في كامل استعدادي لاستقباله.
........................................
تشابهت الأيام التالية في مرورها البطيء وتناوبت علي مشاعر الألم والحزن والعجز والقهر توقعت أن تكون شقيقتي المتهورة بصدد تنفيذ ټهديدها هي لا تتراجع أبدا عن وعد قطعته عهدتها هكذا لذا لن تقبل بإجبارها على هذا الزواج فقط ستنتظر اللحظة المناسبة للتخلص من حياتها حينئذ ستصل إلي الأخبار السيئة لتجهز على الجزء الأخير الحي المتبقي بداخلي.
خلال هذه المدة كنت قد حسمت أمري وقررت اتخاذ موقفا مناوئا لرغبات زوجي حيث هجرت غرفته السقيمة وأقمت في هذه الغرفة وبصحبتي زجاجات الخمر لم أتوقف عن تناول المشروب لا في الليل ولا في النهار أردت الهروب من الواقع بقساوته المهلكة وإغراق نفسي في كل ما يدمرها لهذا تجرعته على غير المعتاد مني كما أني أهملت في العناية بنفسي
فبدوت عليلة ذابلة

وغير مهندمة ولم أهتم بمظهري المنفر على الإطلاق.
تركت الحزن ينهش في نضارتي ويأكل من بهجتي كما أن الدموع أصبحت مستديمة على وجنتي
 

تم نسخ الرابط