رواية المــافيـــا والحب (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
الألم على وجهي ظل الصوت يتردد بالقرب من أذني
اللعڼة إنها فاقدة للوعي.
قلت بصعوبة وسط نوبة هذياني
لا تقتلني لم أؤذي أحدا.
سرعان ما حطت سحب من الضباب فوق مداركي وراحت تشدني معها نحو غياهب الظلام بالكاد سمعت صوتا يخترقها ليخبرني
ريانا لا تخافي أنت في أمان معي.
أتبع ذلك ضمة
غريبة احتوت جسدي المتراخي ونفس الصوت يؤكد لي
لقد استعدتك حبيبتي.
ظل إدراكي خاملا إلى أن تيقظ عقلي بالتدريج استفقت من سباتي الغريب وأنا أتمطى بذراعي في إرهاق متكاسل. فتحت جفني ببطء فكانت الرؤية مغبشة أغمضتها من جديد ونظرت بعد لحظة بنصف عين إلى الجانب بعدما أملت رأسي على الوسادة آلفت ما أبصرت فأدركت أني بغرفة نومي أحسست بالراحة والاطمئنان خاصة وأنا أرتدي ثياب نومي فقد ظننت أني كنت أمر بحلم مزعج انتهى بإفاقتي لكن ما لبث أن تواردت الأحداث على عقلي لتذكرني أنه لم يكن كابوسا مضى وانتهى حينئذ انتفضت من رقدتي متسائلة في جزع
تلفت حولي في تخوف فرأيت فيجو جالسا أمامي على المقعد انقبض قلبي وشحب وجهي لحظتها رددت بصوت متحشرج
أنت.
سألني وهو ينهض من موضعه
كيف تشعرين
ساد الاضطراب في كياني مع نظراته المثبتة علي أجليت أحبال صوتي وأجبته بصدر ناهج
متعبة قليلا...
رفعت يدي أعلى جبيني وتساءلت بعد شهيق سريع
ماذا حدث وكيف وصلت إلي
أكد لي وهو يقف قبالتي
هذه مدينتي أعرف كل شبر بها.
كانت هذه مؤامرة.
جلس على طرف الفراش مجاورا لي فبدا قريبا بل أقرب وهو يميل نحوي ظلت نظراتي متعلقة به وهو يعقب
أعرف كافة التفاصيل...
علت بداخلي مشاعر الرهبة منه عندما أضاف بتباطؤ
لكن أنت...
لم أفوه بشيء وتجمدت نظراتي المرتاعة عليه فصاح بي بنبرة تحمل اللوم
هل جننت كيف تهربين وأنت حامل
عفويا وضعت راحتي على بطني كأنما أحميه من بطشه إن تطاول باليد علي سألته وقلبي يدق بقوة وفي غير هوادة
قبل أن يجاوبني قلت في صيغة تساؤلية
السيدة كاميلا
بدا وكأنه يقاتل لضبط انفعاله الحانق مني فرد نافيا بهدوء مشحون وهو ينتصب في جلسته الملاصقة لي
لا ليست هي.
سألته بترقب وكل نظراتي على قسماته المشدودة
من إذا
احتدت نظرته ناحيتي وهو يخبرني
الطبيب مارتي.
ضاق ما بين حاجبي باستغراب حينما رددت
من وكيف ذلك
أفهمني بنبرة يشوبها الانزعاج
في التو دافعت عن نفسي قبل أن تدور برأسه الظنون
اقسم لك لم أخطط لذلك!
تأملني بنظرة شمولية أجفلتني قبل أن يتابع متسائلا
ماذا أفعل بك
حاوطت بطني بكلا ذراعي وأكدت في توجس حذر منه
صدقني لم أكن على علم بهذا.
همهم بشيء خفيض لم أستطع تفسيره فتفرست فيه عن كثب دون أن أتجرأ على سؤاله. امتدت يده بغتة لتمسك بي هاتفا
كدت أفقد عقلي عندما وصلني خبر هروبك.
زحفت العبرات إلى مقلتي وأنا أبرر رعونتي
كنت خائڤة من ردة فعلك.
أرخى قبضته عن فكي الأسير وقال بعد زفير ثقيل
أخبرتني كاميلا بهذا.
طارت الدمعات الوشيكة ولمعت عيناي ببريق الارتياع عندما تساءلت
وماذا قالت لك أيضا
سدد لي نظرة ذات دلالة غامضة وهو يجيب
تظن أنك غير وفية للعائلة بعد كلامك السخيف معها.
اضطربت نبضات قلبي وتسارعت كأني أخوض سباقا للعدو. بالكاد كنت أتنفس وأنا أسأله
وهل صدقتها
قال ما تضمن في فحواه براءتي من أي شكوك
إن لم أكن واثقا بك لما جعلتك زوجتي!!
رغم أن جملته منحتني قدرا من الطمأنينة إلا أن القلق عاد ليسيطر علي عندما استأنف موضحا
والأسوأ حينما علمت بنجاح مؤامرة اختطافك.
سألته ببلاهة
هل كان ذلك مخططا
ارتفعت رنة الڠضب في صوته وهو يلومني
ماذا تظنين أنت زوجة زعيم لا رجل يعمل في وظيفة عادية متوقع أن يحدث هذا فأعدائي متربصون بنا.
اتفقت معه في الرأي وتساءلت في فضول مليء بالخجل
لكن كيف اكتشفت ذلك
مرر يده أعلى رأسه وقال
منذ أن ذهبنا فهناك لاحظت وجود من يتبعنا.
هززت كتفي معقبة باستغراب
أنا لم
أشعر بذلك.
علق ساخرا بشبح ابتسامة
لست محنكة مثلي وأنا لا أتصرف بغباء كغيري.
احتوت عبارته على توبيخا ضمنيا تقبلته مرغمة لأني أستحق ذلك فالصدام الأخير كاد يودي بحياة اثنين أنا وجنيني. مرة أخرى عادت تعابيره للجدية وهو يشرح لي ما فعل لاحقا
أرسلت أعيني لتقفي أثر من يحيك المؤامرة وتبقي لي أن أعرف من ينقل الأخبار من الداخل واليوم أمسكت به ونال جزائه.
انزلقت أخبره بلا تردد
إنه السائق أليس كذلك
أكد لي ظني بإيماءة من رأسه فلاحقته بسؤالي التالي
وماذا ستفعل الآن
جعل تعابيره غير مقروءة ونظراته الموجهة لشخصي جامدة فتساءلت بتلعثم
هل .. ستقتلني أم ستجبرني على .. التخلص منه
أجاب سائلا إياي
أتظنين ذلك
تهدل كتفاي في خذلان وأنا أرد برأس مطأطأ
لا أعلم حقا لم أعد أعرف شيئا كل ما بي محبط وبائس فأنت فعلت الأسوأ مع زوجتك الأولى.
أوضح لي مصيرها بكلمات جادة
هي من أقدمت على إهمال حياتها.
حملقت فيه مدهوشة فأكمل بتعبير غير مكترث
وأنا تركت الشائعات تنتشر دون أن أصححها فصداها خدم مصالحي آنذاك.
الحديث عن رحيلها بغير شفقة جعل مشاعري تستثار لاح الهم على وجهي وانعكس الألم في صوتي وأنا أعقب عليه
أنت تهتم بما يدر عليك الربح المادي أو المعنوي بأي وسيلة لذا لا أتوقع منك شفقة أو تعاطف في هذه المسألة...
شعرت بنظراته تذهب بعيدا حين اختتمت كلامي بنبرة شبه منفعلة
فما الذي سيمنعك من تنفيذ تهديدك السابق
سكت ومع طول سكوته أكد هاجسي الفزع لهذا زادت الحدة في صوتي عندما أضفت
ربما ستنتظر حين ألد لتتخلص منه حتى تؤلمني بقسۏة.
فيما يبدو آلمته بحقيقة مخاۏفي تجاه أفعاله التي لا تغفر الذلل رأيت كيف انقلبت سحنته وغامت فخفضت من عيني پانكسار وقد راح الدمع يتجمع فيهما انتفضت لما هتف يأمرني
ريانا انظري إلي.
طاوعته وحدقت فيه بنظرات تفتش عن إنسانيته الضائعة بادلني نظرة طويلة غير مفهومة قبل أن يبدد الصمت الثقيل بسؤال أغرب
ألا تثقي بهنا
وأشار إلى موضع قلبه فتسمرت نظراتي في ذهول عليه خفق ما بين ضلوعي في توتر وهو يمسك بيدي ليضعها على صدره عاودت التحديق في وجهه بتحير فاعترف لي بنزق صدمني
أنا لا أعرف كيف أخبرك بهذا ولكني أحبك.
تدلى فكي للأسفل وأنا أردد
ماذا
شعرت بدقاته تحت يدي فغمرتني موجات من الدفء المغري استمر فيجو يسهب في البوح بما التاع الفؤاد لسماعه
قد لا أجيد التعبير عن العواطف كباقي البشر لكن هناك ما تغير بي بسببك.
خفقة وراء الأخرى عصفت بي حتى شعرت بكلي يرتج اضطربت أنفاسي وهو يزيد من اعترافه غير المتوقع
أنت تركت أثرك يتغلل في نفسي رغم ما مررت به من قساوة وبغض في طفولتي.
سألته بلا تصديق
أهذه خدعة جديدة
وقبل أن ينطق بكلمة رجوته باستعطاف شديد
من فضلك توقف لا تعلقني بالأوهام!
اشتدت قبضته على يدي الملاصقة لنبض قلبه وسألني في عتاب
ألم تتعلمي الدرس أنا لا أكذب فيما أقول.
تصدع قلبي مرة ولن أستطع لملمة حطامه مجددا إن ثبت أنه يلاعبني علقت غصة مؤلمة بحلقي وثارت الدموع في عيني وأنا أخبره
لكن هناك غيري وآ..
وضع إصبعه على شفتي ليسكتني قائلا بصوت شبه خاڤت
توقفي عن ترديد ذلك الكلام السقيم فأنا لم أهتم بإحداهن منذ اللحظة التي رأيتك فيها في حفل الزفاف.
فاضت الدموع بتدفق من طرفي وأنا أسأله بلسان يلهج
كيف وما كنت أراه وأسمع عنه!!
ترك يدي واحتضن وجهي براحتيه مزيحا ما بلل بشرتي ليقول بعدها باسما
إنه لوكاس يحب اللهو أما أنا فمنضبط فيما يخص هذه الأمور فلم تستهويني إلا واحدة.
اهتز قلبي وطاح في الأفق الحالم وهو ينطق
هي
أنت.
توقفت عن التنفس لهنيهة وشردت غير مستوعبة ما يتوالى علي من اعترافات تمنيتها حتى فقدت الأمل في حدوثها أعادني من سرحاني الحالم ليتابع بعدها
أنا أريدك فقط.
تناوبت علي مشاعري المضطربة كأنها تتصارع في معركة خاصة بالوجدان. انتحبت وتوسلته في صوت مخټنق شبه باك
أرجوك لا تلعب بعواطفي لن أتحمل.
أسبل عيناه تجاهي مرددا بخفوت
ريانا أنا أحبك.
كم كابدت من انتظار ومعاناة لأصل لهذه اللحظة الفارقة! ما زالت على صدمتي فقلت مستنكرة
مستحيل أنت.. أنت لا تعشق أحدا!
بأيسر المفردات وأعذبها أكد لي
قد يبدو هذا للجميع صحيحا أنا لم أؤمن بالحب ومسمياته قبل سابق وأعرف أن علاقتنا بدأت كصفقة لقمع التمرد بين صفوف جماعتنا الإيطالية لكن ما أنا متأكد منه الآن أني أريد تمضية القادم من حياتي معك.
بهرني بصدق عباراته فعادت الدموع تنساب بغزارة من عيني شهقت من فرط تأثري الفرح فضمني إليه مزيدا في الكلام
لست واثقا إن كنت سأنجح أم لا لكني سأحاول...
فسرت الرعدات في ظهري لتغذي بي هذا الشعور العميق بافتناني الوله به تأوهت بتنهيدة قبل أن يتبع ذلك بعهده الهامس
أعدك بذلك سأمنح علاقتنا الزوجية كل الفرص لتكون مستقرة وطبيعية.
يبدو أن سلطان الهوى في النهاية قد طغى وتسيد رغم العراقيل عانقته بقوة كأني لا أريد فراقه وطلبت منه فيما يشبه الرجاء
لا خداع فيجو!
زاد هو الآخر من عناقه لي وقال في لطافة غريبة
لا خداع أو كڈب زوجتي الحبيبة.
لأنظر إليه هاتفة وأنا أكفكف دمعي
وهذا يكفيني الآن.
ابتسمت في رضا ظفرت به أخيرا لأخبره بعدها بنظرات اشتعلت بوهج الشوق
فأنت رغم كل شيء لم تعد غير قابل للحب.
وصلت معه بعد مشقة وعناء إلى نقطة البداية في علاقتنا الجادة لا مزيد من الإنكار أو الهروب قد لا أضمن ما يضمره لنا المستقبل المجهول من تحديات صعبة وعسيرة ربما تطيح بنا هنا وهناك لكن مع اتحادنا الروحي والجسدي سنقدر معا على مجابهة أي شيء. كما أننا سنسعى لإرساء أول لبنة في بناء أسرة مستقرة رغم قساوة وۏحشية عالم الظلام الذي نعيش في ظلاله.
هذا كان جانبي المروي من القصة بما احتوته من مشاعر عميقة وخواطر كثيرة .. فماذا عن جانبه غير المعلوم!!
تمت
منال_سالم