رواية المــافيـــا والحب (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
المحتويات
بالارتياح.
لا أعرف إن كان قد ابتسم أم لا لأني لم أتطلع إليه حيث تفشت في أوصالي رغبة غريبة تستحثني على ترك التدريب والعودة إلى غرفة النوم ثم الاستلقاء بداخل الفراش المريح تمطيت بذراعي لأرجئ على مضض هذه المتعة الجميلة لوقت لاحق وطلبت منه في غير صبر
أرني كيف أوجهها لصدر المدعوة سيلفيا حتى أذهب للنوم.
عليك أولا نزع هذا الغطاء الصغير عن السن المدبب.
أومأت برأسي كتعبير عن متابعتي له شاهدته كيف أخفى الإبرة في البداية براحته ثم جعل أصابعه قابضة عليها وهو يشرح لي ببساطة
تساءلت بعد نحنحة خفيفة
وماذا أيضا
أخبرني وهو يشير بيده نحو موضع نهاية الإبرة
ثم اضغطي على هذا الزر حتى تفرغي السائل المملوء في الأنبوب الموجود بالداخل.
هززت رأسي قائلة في تفهم
تأهبت حواسي عندما أمرني
هيا حاولي.
رفعت حاجبي للأعلى وسألته في نبرة غير واثقة
الآن
هتف مستنكرا كسلي الواضح
نعم ألسنا هنا لنتمرن
وضعت يدي على مؤخرة عنقي لأفركه برفق ثم رددت في تأفف
أعطاني الإبرة فأمسكت بها مثلما أرشدني وقمت بتسديدها نحو جانب كتفه بتمهل فقبض على رسغي وكاد يلويه تأوهت من الألم وهتفت في ضيق
إنك تؤلمني.
أرخى أصابعه عن معصمي وحذرني بلهجة غير متساهلة
نحن لا نمزح هنا أعيدي المحاولة.
التقطيها وأعيدي المحاولة.
انحنيت لأخذها ثم كررت محاولتي أخفقت بالطبع مع مهارته المشهود لها لكن بعد بضعة محاولات تأرجحت بين الفشل والنجاح استحسن تحسن أدائي. أحسست بعد ذلك المجهود بانخفاض طاقتي للغاية حاولت الصمود وهو يقول بلهجته الآمرة
نفخت في إرهاق ومع هذا لم أعص أمره نقلت الإبرة لكفي الآخر ثم قمت بتسديدها نحو ذراعه في حركة خفيفة
هز رأسه نافيا وهو يؤكد لي
لا إنه مناسب.
تمسكت برفضي قائلة
لا أظن ذلك حقا ستجعلني أرتدي هذا اللون الصارخ
رد بإيماءة خفيفة
نعم.
هتفت في استنكار أكبر غير مصدقة اختياره العجيب
كل من في الحفل سيلاحقني بنظراته كيف سأتمكن من حقنها بالإبرة وأنا ملفتة للأنظار بثوبي ذلك
أخبرني في هدوء
هو تمويه جيد لإبعاد الشبهات عنك.
ما زالت عند رفضي وأصررت عليه بصياحي المنزعج
حقا أنت تتحدث ببساطة فلست
من سيتربص بأحدهم اليوم
لا تقلقي ستمضي على خير.
كم بدا مثيرا للحنق ببساطته الزائدة استثار أعصابي أكثر حين تابع
فقط لأنها مرتك الأولى فأنت متوترة.
وكأنه يحادثني عن شيء اعتيادي أقوم به في يومي الرتيب لأقضي به على الملل الذي يصيبني من آن لآخر استنكرت تساهله في هذا الأمر الخطېر وصحت في غيظ وأنا أهدد بسبابتي المرفوعة في وجهه
لا تقل ذلك ولا تجعلني أتراجع!
باغتني بسؤاله الصريح الذي عجزت عن إيجاد الجواب له
إذا ما الذي دفعك للقبول
جاوبته بنبرة تماوجت قليلا بين التذبذب والثبات
أنت أخبرتني سابقا بأنه لا مكان للمثالية في عالمنا وها أنا أتوقف عن اتباع مبادئي
تراجع فيجو عني لمسافة ضئيلة للغاية وهمس لي بما أصابني بدفعات متدفقة من الاضطراب الملبك لكياني
استمري على ذلك المنوال وستفوزين بما هو أكثر من مجرد كونك زوجة للزعيم !!!!
يتبع التالي
الفصل التاسع والعشرون
استخدامه لهذه النوعية من التلميحات المتوارية كان محيرا ومربكا للغاية ما الذي يمكن أن يمنحه لي أكثر من مجرد لقب رسمي هل واجهة اجتماعية مثلا لا أعتقد ذلك فقد ظفرت بها والجميع يعاملني بتبجيل واحترم ولا أظنه الحب فهذه المشاعر المرهفة محرمة في عالمه الغارق في الظلام الموحش أما إن كان يعني طفلا فقد أنذرني منذ اللحظة الأولى بتنجب ذلك إذا ما الذي يقصده
تركني فيجو متخبطة وغارقة في حيرتي ليتجه خارج الغرفة ليجري عدة اتصالات بقيت هائمة في موضعي أتطالع ثوبي البراق بنظرات سارحة بدوت عاجزة عن تفسير فحوى كلماته في الأخير بعد تملك اليأس مني رددت لنفسي بجدية
هو يحاول التلاعب بي!
ظللت أكرر بخفوت وقد انقلبت سحنتي
كنت سأقع في فخ تصديقه اللعڼة هو لا يكف أبدا عن تضليلي
انحنيت لالتقط الثوب بيدي ثم أرحته على ساعدي وأنا لا أزال أحادث نفسي
يظن بذلك أني لن أخرج عن طوعه
سرت ناحية غرفة تبديل الثياب وصوت غير مسموع يردد في عقلي
وهل أقوى على ذلك
توقفت أمام الأرفف أحدق فيها بنظرات حائرة لكن الصوت الداخلي ظل يقول
وما الذي بيدي لأفعله لم يعد أي شيء يهم الآن فأنا بت في الوحل وسأكون بعد ساعات مثلهم!
تنهدت مليا في ملل منزعج ورحت أتكلم بصوت شبه مرتفع
يا إلهي أنا لا أستطيع فهمه مطلقا كيف يمكنني التعامل مع شخصية غامضة مثله
أردت إراحة عقلي من التفكير التحليلي وانشغلت باختيار المناسب من الأحذية والحلي لتتطابق مع الثوب كم بدا ذلك بالنسبة لي أكثر صعوبة وترددا! فأنا لست من هواة تنسيق الثياب وملحقاتها بشكل أنيق وجاذب في نفس الآن ومع ذلك بذلت أقصى طاقاتي للتوفيق بين المتاح من الخيارات
أمام المرآة اللامعة وقفت لبرهة أتأمل هيئتي الثوب كان ملائما بدرجة لم أكن أتخيلها مررت يدي على القماش الناعم لأشعر بملمسه الحريري على بشرتي انخفضت نظراتي نحو ساقي اليسرى التي برزت من الفتحة الجانبية الطويلة ضممت الطرفين قليلا ثم سويت بيدي شعرة لاحظت نفورها من مقدمة رأسي قبل أن أديرها للجانب لأتأكد من ضبط الكعكة التي عقدها لكومة شعري كنت قد حررت خصلتين وتركتهما تنسدلان على وجنتي في التفافة متناسقة
ما إن فرغت من هندمة شعري حتى أمسكت بالفرشاة ووضعت مسحة من مساحيق التجميل المتراصة على تسريحة المرآة كما أفرطت في وضع أحمر الشفاه ليتطابق مع لون الثوب الصارخ نظرة أخيرة ألقيتها على نفسي بعد أن تأنقت وتألقت وارتديت الأبهى من كل شيء أطلت النظر فيما أصبحت عليه بافتنان واضح للحظة شعرت بالرضا عن حالي ولكن راودني ذلك السؤال المحير ماذا إن رآني فيجو على هذه الوجاهة الزائدة أتراه سيعجب بي كشخص واله متيم يهيم شوقا أم فقط سيمنحني نظرات إعجاب مجاملة كتقدير لمجهودي المبذول لأبدو فاتنة عبثت بخاتمي وأنا أوجه اللوم لنفسي لإفراطي في الاعتقاد في شيء لن يحدث إلا في خيالي الأبله
ما الذي تفكرين فيه الآن أفيقي ريانا
ابتعدت عن المرآة ولم أتوقف عن توبيخ شخصي
لماذا أصبحت رومانسية هكذا فجأة هل هذا فرد يؤمن بالحب لأقع في غرامه
جلست على المقعد المبطن الخفيض والملاصق لحافة الفراش لأضع الحذاء في قدمي أحكمت ربط أشرطته الجلدية ونهضت في تأن تفحصت شكل الحذاء في قدمي كنت راضية كليا عنه فلونه كان مماثل للون الثوب لذا بدا كل شيء متكاملا حقا من يراني على تلك
الحالة يظن أني ذاهبة في مقابلة رومانسية لا لتنفيذ چريمة مأساوية تأهبت للخروج بعد أن سحبت نفسا عميقا عبأت به رئتي في بادئ الأمر كنت أسير بثبات وثقة إلى أن بلغت الدرج أصبحت أكثر ارتباكا وتوترا استنكرت ما يعتريني من اضطراب لمجرد تخيل نظرات فيجو ناحيتي
مجددا تنفست بعمق وأكملت هبوطي على درجات السلم إلى أن وصلت إليه حاولت جاهدة أن أرسم ابتسامة لبقة صغيرة على محياي لأخفي ورائها العواصف الدائرة في دواخلي وأعماقي رفعت ناظري تجاهه ما إن أصبحت في مرمى بصره رأيت هذه اللمعة تتوهج في حدقتيه فارتفع الخفقان في قلبي بلعت ريقي وسألته لأغطي على ما ينقبض توترا بين ضلوعي
أهذا جيد للتمويه
أكاد أجزم أني شعرت به يكتم أنفاسه ليضبط انفعالاته بعد أن رآني في أبهى صوري وأكثرها روعة ظهر ذلك على قسمات وجهه المشدودة شملني بنظرة مليئة بأشياء تؤكد حدسي وقال بعد هنيهة بزفير أحسست بثقله
إنه رائع للغاية
تقدم ناحيتي دون أن يحيد بعينيه عني فشعرت بهذه الرجفات المتواترة ټضرب أوصالي بلا هوادة وقف قبالتي وراح يتأملني بنظرات ضاعفت من هواجسي بشأنه بسط كفه بشيء براق انعكس لمعانه في عيني رفعه لأراه قبل أن يقول مادحا
ينقصك ذلك فقط لتكوني ك فينوس
سألته في لعثمة خفيفة
ما هذا
وضع كفه على كتفي ليديرني برفق ليلف حول رقبتي شيء ما معدني رفعت يدي لألمس القلادة فوجدته يخبرني في صوت هامس وعذب
إنها لأجلك
منحني فيجو قلادة مصنوعة من الألماس لتتطابق مع الخاتم الذي أرتديه في إصبعي علا الدبيب في قلبي لم أرغب في الانسياق وراء الوخزات الحسية التي راحت تنتفض في أعماقي وسألته في لهجة جمعت بين الجدية والهزل
أهذه هدية ما قبل العملية
شعرت به يبتعد عني فاستدرت لأنظر إليه رأيت كيف بدا وجهه جامدا جاء رده مخالفا لتوقعاتي بشأن ما ظننت
لا
أصابني بالحيرة وسأمت من البحث عن مبررات لما يفعل لهذا سألته دون مراوغة
إذا لماذا ابتعتها
أجاب في هدوء وهو يدس يديه في جيبي بنطاله الكحلي
لأني أريد ذلك
اغتظت من تحايله وهروبه عن منحي ما أريد سماعه فهاجمته بتحيز ملحوظ
حقا أنا لا أفهم تصرفاتك تكاد تناقض طبيعتك المعهودة لماذا تعاملني مؤخرا بلطافة وأنت مع أدنى خطأ تصبح وحشا كاسرا!
أخرج يدا من جيبه ووجه ذراعه ناحيتي لأتأبطه وهو يخبرني
هيا سنتأخر
نفخت بصوت مسموع ورحت أبرطم بكلمات مبهمة قبل أن أعلق ذراعي على خاصته نظرت إليه من زاويتي فوجدته لا ينظر إلا أمامه من جديد زفرت عاليا لأعبر عن ضيقي من تجاهله المغيظ لكنه أبقى على بروده واستطرد
انتبهي خلال سيرك
رددت باستخفاف هازئ وأنا أشيح ببصري بعيدا عنه
لا تقلق لن أتعثر وأمزق طرف الثوب
أسرعت في خطاي دون أن انتبه حقا لذيل ثوبي الذي علق في كعب حذائي وكاد يجعلني أنكفئ لكنه كان يقظا لحركتي المزعوجة فأمسك بي ليمنعني من السقوط قبل أن يأتي تعقيبه في نوع من التحذير المستتر
ألم أقل لك
صحت به في قنوط عابس بعد أن استللت ذراعي منه
أتقصد أني خرقاء
وقبل أن يضيف شيئا واصلت هجومي المتحفز مشيرة بسبابتي
أنت من دعست على طرفه لإيقاعي!
رأيت كيف نظر إلي بهذه النظرة الغريبة ولم أحبذ الاستمرار في مناطحته وتخيلت عن تذمري الزائد لأتنحنح مرددة بصوت متراجع
هيا لقد تأخرنا
أشار لي لأتأبط ذراعه مجددا تحذيره
من جديد انتبهي لخطواتك
لم أنبس بكلمة ومددت ذراعي لأضعها في موضعها السابق وصوت دقات قلبي يلاحق خطواتي المضطربة
على غير العادة قرر فيجو أن ننطلق بمفردنا في سيارتنا دون سائق يصحبنا في مثل هذه النوعية من الزيارات الرسمية لكننا كنا وسط أسطول من سيارات رباعية الدفع تحركنا جميعا معا وكأننا في موكب رئاسي مهيب يفصل بيننا مسافات قصيرة منتظمة احتفظت بصمتي غالبية الوقت لكن رأسي لم يكف عن التفكير أو التساؤل فكل الأمور باتت محيرة في الفترة الأخيرة ومشاعري لم
متابعة القراءة