رواية "مملكة سفيد"(كاملة جميع الفصول)بقلم رحمة نبيل

موقع أيام نيوز


بدأت تمسح على شعرها في محاولة يائسة لردع تلك الخصلات وإحباط تمردها وحينما انتهت ابتسمت بسخرية 
شكلي كده هحتاج اشتري علبة كريم عشان الشوية دول وادي نص المرتب راح بس ولا يهمني اهم حاجة التألق 
صمتت ثم تحدثت بتهكم من ذاتها 
بس لمين اخرتها ايه ومع مين !
كانت تتحدث لنفسها وهي تنظر للمرآة قبل أن تتشقق المرآة فجأة بشكل مرعب جعلها تطلق صړخة مړتعبة تعود للخلف ابتلعت ريقها تقول 

ايه اللي حصل ده ايه اللي حصل 
تنفست تقترب من المرآة تتحسسها بريبة لربما ذلك الشيء الذي يصيب الزجاج فيؤدي لحدوث هشاشة شديدة لجزئياته ويتحطم بسهولة نعم هذا هو التفسير الوحيد لم
وفجأة توقفت أفكارها مطلقة صړخة عالية تندفع للخلف ساقطة ارضا على ظهرها تزحف بړعب وهي ترى شعاع نور يخرج من المرآة .....
________________________
قلعة شامخة مرصعة بالعديد من الأحجار الكريمة نحتت داخل أحد الجبال العظيمة البيضاء قلعة تنافس الجبال طولا يحيطها العديد من المروج الخضراء والشلالات التي تبدو كالسحاب لشدة بياض المياه بها قلعة لو قضى الشعراء قرونا لعجزوا عن كتابة بيت شعر واحد يوفيها حقها...
وداخل تلك القلعة ..
يسير هو بكل هيبة وقوة مرفوع الرأس شامخ لا ينظر لموضع قدمه بل يسير مدركا أين تحط قدمه وهل هناك ركن واحد يجهله داخل جدران تلك القلعة كيف وهو ملكها وصاحب كل حجر بها !
يتحرك بسرعة وخطوات تهز الأرض أسفله وخلفه يركض العديد من الرجال الذين لا يقلون عنه في الهيبة أو الجسد أو حتى وسامة الملامح التي عىف بها رجال تلك المملكة.
يتحرك بين ممرات القلعة وملامحه لا تنذر بالخير وبمجرد أن وصل لإحدى الغرف توقف يقول بصوت قوي ونبرة مخيفة 
ابلغ الملكة أنني اطلب اذنا بالدخول 
هز أحد الحراس رأسه في طاعة عمياء يتحرك داخل مخضغ الملكة وغاب ثواني قبل أن يخرج يحرك رأسه ببطء 
الملكة تخبرك أنها بانتظارك مولاي 
تحرك الملك صوب الغرفة مندفعا بعدما أشار لمستشاريه بالتوقف يدخل كالعاصفة الهوجاء لا يرى أمامه وبمجرد أن سمع صوت غلق الباب نظر بعين مشټعلة صوب والدته التي كانت تجلس على فراشها تحمل بين أناملها كتاب تطالعه بهدوء شديد ...
بني لمن أدين بالشكر لأجل حضورك لمخضعي 
ارتسمت بسمة قاسېة أعلى فم الملك وقد شعر بالڠضب يتملك منه 
لأفكارك العظيمة مولاتي تدينين بالشكر لأفكارك العظيمة التي لا يضاهيها افكار في الممالك الأربع 
ارتسمت بسمة هادئة على فم الملكة تدرك أن ما فعلته وصل له لتقول برزانة وتعقل 
سأعتبر هذا مدحا بني 
رجاء لا تجبريني على الضحك أمي فأنا وأنت نعلم أن حديثي لم يكن مدحا بأي شكل من الأشكال 
صمت يقول بأعين مشټعلة 
من ذا الذي منحك حق التدخل بأموري الخاصة مولاتي من الذي أخبرك أنني احتاج افكارك العظيمة لتدبر أمور مملكتي!
رفعت الملكة عيونها له ببطء ثم قالت وكأن صرخاته لا تسوءها أو أن نظراته السوداء لا تخيفها 
وهل تسمي خۏفي عليك تدخلا أنا أصدر ما أراه يصب في مصلحتك 
صړخ في وجهها پجنون وقد أفلت عقال صبره يشعر بالڠضب يصب داخل أوردته يسير بها مجرى الډماء 
ولأجل هذا عمدتي للاعتراض على قراري وتحدثتي أمام الجميع بأمر يقضي بابتعاد قائد الجيوش عني ملقية إياه في غياهب الحړب ماذا إن ناله سوء كيف سأتدبر أمري لحين أجد مخلصا مثله 
وماذا تريد مني أن أفعل وأنا أراك تقحم نفسك في حروب لا قبل لك بها وإن لم يكن قائد جيوشك هو
من يقود تلك الحړب فمن سيفعل بالله عليك 
اشتعلت عيونه يقترب منها خطوات بطيئة دبت ړعب داخل صدرها تدرك جيدا أن ولدها ليس من الحلم الذي يجعله يتغاضى عن أفعالها كثيرا لكن حتى وإن نفاها لاعمق بئر في المملكة فلن تتراجع عن حمايته .
صدر هسيس من فم الملك يقول 
أمور جيشي وأمور مملكتي أنا من اتحكم بها لا أنت ولا أحد آخر يفعل سمعتي ...مولاتي
تنفست والدته بصوت مرتفع ليتحرك مبتعدا عنه لكن فجأة توقف مجددا واستدار لها نصف استدار يضيف 
وصحيح ليس فقط أمور جيشي توقفي عن التدخل في كامل شئون حياتي فلا ينقصك سوى إخبار جميع اميرات الممالك الأربع أنني من اليأس الذي يجعلني أعرض نفسي عليهن ارتجي منهن امرأة تناسبني بأي حق تفعلين بي ذلك 
بحق أنني والدتك أنت حتى هذا اليوم لم تجد زوجتك التي تتغنى بها 
تنفست بصوت مرتفع تقترب له تربت على وجنته بحنان شديد 
اسمع بني أنا أعلم جيدا أنك مستاء لأنك... لأنك وحتى هذا العمر لم تجد امرأتك المنشودة كما حدث لجميع رجال العائلة قبلك لربما بالبحث تجدها دعك من تلك الخرافات التي تقول أن زوجة الملك لابد أن يلقيها القدر على اعتابه ويسوقها له بأي طريقة من الطرق تزوج من أي أميرة تعجبك ودعك من تلك الترهات 
ابعد الملك وجهه عن يد والدته يقول دون نقاش 
نعم تلك التراهات التي ألقت بك بين أحضان والدي باكثر الطرق غرابة زوجتي ستأتي لي يا أمي وحتى ذلك الحين احرصي على عدم الزج بنفسك داخل أموري الخاصة رجاء والآن اسمحي لي بالمغادرة 
ختم حديثه يتحرك صوب الباب يطرقه بقوة وحينما فتح غادر تاركا والدته تنظر في أثره پصدمة سرعان ما تحول لڠضب شديد ...
وهو خرج من الجناح الخاص بوالدته يقول بجدية 
أحضروا لي العريف ...
__________________
صوت القرآن يصدح في المنزل بأكمله وهي تجلس أعلى الأريكة في بهوه تمسك بين أصابعها حبات مسبحتها التي أهداها لها الحاج سالم صاحب البناية عقب عودته من الحج .
كانت تستغفر وتدعو ربها تشعر بالخۏف من كل شيء وكل همسة تصدر في المنزل تتسبب في انتفاضة جسدها بقوة ما يزال مشهد انشقاق زجاج المرآة وخروج ضوء قوي منه يرعبها تنتظر أن يحل الصباح بفارغ الصبر كي تركض للمشفى حيث الجميع حيث لن يجدها ايا كان من ينتوي لها سوء .
فجأة انتفض جسدها بقوة بسبب طرق الباب نظرت صوبه ثم حركت عينيها لساعة الحائط تتبين الوقت لتجد أن الوقت بالكاد اقترب من آذان المغرب اعتدلت في جلستها 
لسه المغرب مأذنش ولا الليل ليل امال الړعب بدأ بدري ليه 
تحركت من مقعدها وهي ما تزال تحمل بين أصابعها مسبحتها اقتربت من الباب تقول بخفوت 
أيوة مين 
أنا احمد يا تبارك 
نظرت تبارك من أحد تشققات الباب تحاول التأكد أن ذلك هو احمد نفسه ابن الحاج سالم صاحب البناية 
وأنا ايه يأكدلي أنك احمد ومش قرينه قول أمارة 
أجاب احمد ببلاهة وغباء بعض الشيء 
امارة
استمعت تبارك لتلك الكلمة وضيقت عيونها بتفكير قبل أن تنفرج اساريرها وتتنفس الصعداء تحضر حجابها تضعه أعلى رأسها متأكدة أن ذلك الغباء لا يخرج سوى من أحمد بالفعل 
أيوة هو أحمد فعلا 
وعلى الفور فتحت تبارك الباب مطمئنة 
أمان
نظرت له تبارك بقامته الصغيرة فقد كان طفل في السابعة من عمره ذو ملامح بها لمحة من التشرد تشعر أنك تقف أمام أحد قطاع الطرق لكن بهيئة طفل تجاوزت تبارك كل ذلك تتساءل بجدية 
خير 
ابويا بيقولك تعالى الحقي ستي لاحسن بټموت 
حدقت به تبارك بعدم فهم تجذب باب منزلها تدفع الصغير صوب الدرج وهي تشعر بالبلاهة الشديدة 
هي مش ستك دي سيبتها امبارح وهي مېتة وبعتوا جبتوا الكفن والمغسلة !
أجاب أحمد بجدية يضع كفيه داخل جيب بنطاله يهبط معها الدرج يتحدث بنبرة اشعرتها أنها تتحدث مع رجل ناضج 
لا ما هو اصل لما أنت مشيتي هي صحيت تاني حتى امي قالت عليك غبية ومبتفهميش وبتفولي على ستي 
توقفت تبارك في سيرها وقد بدأت ملامحها تشتعل بشكل مرعب بينما الصغير استرسل في الحديث دون أن يتوقف عن السير ولم ينتبه لتوقف تبارك التي كانت تشعر برغبة عميقة تندفع داخلها أن تهبط وتوسع والدته ضړبا بالله ماذا تفعل إن كانت والدتها صاحبة المائة وخمسة أعوام ټموت يوميا ثلاث مرات بل وتنقطع أنفاسها وتتوقف ضربات قلبها 
دخلت تبارك المنزل الخاص بالحاج سلامة تستقبلها صرخات والدة احمد ونحيبها وولولتها وهي ټضرب فخذيها جوار فراش والدتها 
اه يا اما هتيسبيني لمين من بعد ياما اه يا حبيبتي بعدك على عيني يا ختي 
نظرت لهم تبارك ومن ثم نظرت للسيدة
العجوز تقترب منها بأقدام متعجلة تفحصها دون كلمة تفحص النبض والتنفس ومن ثم رفعت عيونها للجميع الذين كانوا في انتظار كلمة منها وهي ابتلعت ريقها تقول جملة لم تعلم أنها قد تنطقها يوما أو يستسيغها عقلها لكن تلك العجوز أربكت جميع ما تعلمته وأثبتت أن الإنسان يستطيع الحياة حتى بعد توقف ضربات قلبه وأنفاسه 
أنا مش عارفة هي ماټت ولا لا بس عامة هو مفيش نفس ولا نبض 
هتفت أم أحمد بأعين دامعة 
يعني ايه مش عارفة ماټت ولا ايه هو أنت مش دكتورة 
لا أنا ممرضة مش دكتورة بعدين أنا ايش عرفني مش يمكن تكون بتعمل بروفة ولا بتجرب المۏت هي يعني أول مرة اجي اكشف عليها وملاقيش نبض ما هي كل يوم نبضها بيقف مش عارفة بتشحن ولا بتعمل ايه !
نظر لها الجميع حولها بعدم فهم لتقول هي وقد شعرت أن كل ما تعلمته لا يفيدها الآن
بصوا هي تقريبا ماټت البقاء لله 
وبعد تلك الكلمات ارتفعت شهقات صادرة من جسد العجوز المسطح على الفراش تجاهد لالتقاط أنفاسها وكأنها خرجت لتوها من اعماق البحار .
أشارت لها تبارك بانتصار وكأنها تثبت لنفسها أنها محقة 
اهو شوفتوا مستنية تسمع إعلان ۏفاتها عشان تفوق دي بتدلع يا أم أحمد كل يوم توقف نبضاتها شوية عشان تعرف معزتها عندكم مش اكتر 
نظرت بعدها لسالم تقول
عن أذنك يا حاج سالم لو حصل وفقدت الاتصال بالعالم الخارجي تاني سيبوها شوية وهي هتصحى لوحدها حمدلله على سلامتك يا حاجة 
ختمت حديثها تخرج من الشقة ملتوية الثغر تشعر بالنقم على تلك الوظيفة التي لا ينالها منها سوى المصائب تحركت صوب شقتها الصغيرة الدافئة المرعبة كي ترتاح قليلا قبل أن تنهض وتذهب للعمل في اليوم التالي ...
دخلت الشقة تسير بحذر بين طرقاتها ووجيب قلبها يعلو تخوفا مما يمكن أن يحدث تحاول إقناع عقلها أن الأمر لربما كان صدفة أو مجرد تخيلات لا أكثر.
ألقت جسدها على الفراش تستقبل اغطيته المريحة بتعب شديد تغلق عيونها في انتظار أن تسحبها أحلامها بعيدا عن هذا العالم .
وكان لها ما تمنت إذ سقطت في نوم عميق تخلله العديد من الأحلام كان أكثرهم وضوحا حلم لها تقف فوق عرش تراقب أمامها مدينة بيضاء كبيرة تحيط بها شلالات وجبال بيضاء.
نظرت تبارك حولها بتعجب شديد ولم تكد تستوعب ما يحدث إذ شعرت فجأة بيد تضم خصرها وصوت رجولي دافئ يهمس لها في أذنها بنبرة اجشة وكلمات مريبة 
دلم برات تنگ شده پرنسس 
________________________
يعتلي عرشه بكل كبرياء في انتظار أن يأتيه عريف المملكة
 

تم نسخ الرابط