رواية "مملكة سفيد"(كاملة جميع الفصول)بقلم رحمة نبيل
المحتويات
تلك المعركة وانشغل عن الأمر
تمتمت تبارك بسخرية شديدة
قدمك خير علينا
عفوا
تنحنحت تبارك بهدوء ترفع طرف فستانها كما اعتادت في الآونة الأخيرة تميل بعض الشيء تحت أعين الملكة المتفحصة لكل حركة تفعلها
انرتي المملكة مولاتي
ابتسمت الملكة بسمة جانبية ساخرة ثم قالت بلا مقدمات
لا تليق بك أفعال الملكات
أخبرت الملك سابقا أنك لا تصلحين ملك لمملكة بحجم سفيد لكنه تمسك بك على أمل أن تكوني مناسبة لكن مما أراه يبدو أن أمله قد خاب
ختمت حديثها تشمل تبارك بنظرات مستاءة أو مستحقرة بعض الشيء لا تعلم لكن كل ما تعلمه أنها لم تحب أبدا نظرات تلك المرأة لذلك فضلت الانسحاب مكتفية بهذا الحديث بينهما
لكن وقبل أن تخطو تبارك خطوة واحدة بعيدا عنها جذبتها الملكة بقوة كبيرة جعلتها تتراجع پعنف شديد ولم تتمالك تبارك نفسها وهي تحاول البحث عن شيء صلب تتمسك به لكن خابت مساعيها حينما لم تجد سوى الهواء خلفها وسقطت ارضا بقوة كبيرة مطلقة شهقة مرتفعة .
رمقتها الملكة بنظرات ساخرة وهي تميل بعض الشيء
لا اعتقد أن الأمر سيستمر طويلا سرعان ما سيدرك إيفان أنك لا تصلحين لتكون مجرد خادمة في قصره وليس ملكة على عرش مملكته وحينها أنا بنفسي سألقيك خارج هذا القصر
لو اتجرأتي ورفعتي ايدك دي عليا مرة تانية أو لمستني مجرد لمسة تاني ولو بحسن نية أنا هنسى عمرك وهوريك الويل سامعة
لعب دور الشريرة في هذه الحكاية لا يليق بعجوز مثلك اقترح أن تعتزلي كل ذلك وتجلسي في حجرتك تتضرعين لله وتستغفريه فلا أظن أن امرأة مثلك تمتلك ما يكفيها من الأعمال الصالحة لتقابل ربها مجرد ظن فقط والعلم عند الله
في هذه اللحظة سمعت صوت الملك يهتف بصوت قوي
جلالة الملكة ..
استدارت تبارك لترى الملك يقترب منهم بملامح غاضبة عاصفة وقد اعتقدت للحظات أنه أبصر ما حدث لكن وحينما أصبح على خطوات منهم قال بصوت جامد
يبدو أنك قابلتي الملكة ...مولاتي
نظرت له والدته وما تزال ملامح الصدمة مرسومة على وجهها لم تجبه بكلمة وهو ابتسم يقول بهدوء
كنت اتمنى أن يكون اللقاء أكثر رسمية ومناسبا أكثر لكن لا بأس
أشار إيفان صوب والدته يعرف تبارك عليها
جلالة الملكة شهرزاد.... أمي وهذه مولاتي هي جلالة الملكة تبارك ...ملكة سفيد المستقبلية
حدقت تبارك بالملكة ثواني قبل أن تبتسم بلطف شديد وكأن ما حدث منذ ثواني كانت مجرد أوهام من عقل شهرزاد رفعت طرف فستانها تميل قليلا
مرحبا مولاتي تشرفت بمعرفتك
هزت شهرزاد رأسها دون كلمة ليبتسم إيفان بسمة صغيرة
مولاتي اعتقد أن الآن لديك دروس مع العريف صحيح
آه صحيح لقد تأخرت كثيرا عفوا اعذرني مولاي عن اذنك مولاتي
ختمت حديثها تركض بعيدا عنهما بسرعة كبيرة تهرب من تلك المرأة ونظراتها التي تكاد تحيلها رمادا في وقفتها بينما وبمجرد رحيلها استدار إيفان صوب والدته يقول بهدوء
سأتظاهر أن ما حدث منذ ثواني ورأيته لم يكن لكن مولاتي حذاري وأن تمسي الملكة بسوء
هل تهددني إيفان
اتسعت أعين إيفان بقوة يقول بنبرة عادية بعض الشيء
أوه لا العفو مولاتي أخبرتك مئات المرات وسأعيدها لست أنا من يتطاول أو ېهدد والدته أنا فقط أخبرك أن الخطأ في
حق الملكة والتجاوز في حقها هو تجاوز في حقي كذلك وأنت خير من يعلم هذا والآن اعذريني فأنا مشغول بالعديد من الأمور
وبهذه الكلمات اختتم إيفان حديثه مع والدته وكذلك اختتم صبرها الذي حاولت حشده كي تهدأ وحوش ڠضبها .
ابتلعت ريقها وهي تراقب أثر رحيل ابنها وتبارك تفكر في القادم الملكة ليست كما تخيلت بلهاء بل هي حقېرة تجرأت ورفعت صوتها في وجهها وهددتها بشكل غير مباشر وهذا اسوء مما تخيلت .....
_______________________
يقفون أعلى اسوار قلاع مشكى يتضاحكون ويتلاعبون لا يعنيهم ما يحدث حولهم وقد اغرتهم اسوارهم واوهمتهم أن الاقتراب منهم محظور احتموا بالقلاع والقصور وخلف المدافع آمنين مكر الجميع جعلوا أسلحتهم تجيب على كل تسائل يوجه لهم حتى إن مر بهم شخص ما وألقى عليهم التحية لانتفضوا فزعين ېصرخون ويلولون حاملين أسلحتهم مرتعبين .
فأين لهم من أمن وقد اختاروا الغدر سبيلا ومالهم من سکينة وقد حازوا نصرا بالخديعة !
ومن بين أمنهم المزعوم سمع أحدهم صوت خطوات تنهب الأرض وشعروا جميعهم بالحصى تهتز أسفل أقدامهم .
تقدم أحد الرجال صوب سور القلعة يحمل منظارا متواضعا لا يذكر حتى من من سرقه يرفعه أمام عيونه يحاول رؤية المتسبب في تلك الأصوات وفجأة اتسعت عيونه بقوة حينما أبصر جسدا يعرفه تمام المعرفة يظهر أمامه جسد لا يود تذكر آخر مرة قابله بها .
كان جسد سالار الذي يركض بحصانه يتقدم الجميع هو ما يظهر لذلك الشاب والذي سرعان ما شهق حين ظهرت له باقي الرجال الذين ظهروا دون سابق إنذار خلف سالار ليشعر بقلبه يكاد يتوقف ړعبا وهو يتراجع دون أن ينزع المنظار عن عيونه
أنه هو ...لقد جاء ينتقم هجوم البارحة لقد جاء
كان ېصرخ وهو يتراجع بسرعة كبيرة مما جعله يتعثر بأحد رفاقه مسقطا إياه ارضا فدفعه رفيقه صارخا
ما بك أيها الاحمق كدت ټحطم عظامي أسفل جسدك ال
ولم يكد يكمل جملته حتى أبصر اهتزاز حدقتي الشاب وارتجافه
لقد جاء ينتقم منا هجوم البارحة لقد جاء وأحضر معه جيشه لقد رأيته
نظر له رفيقه دون فهم
من هذا الذي جاء
صړخ الشاب يشير بيده لأطراف القلعة
سالار ...سالار لقد رأيته يقود جيشا صوب القلعة سنهلك أجمعين
وبنهاية حديثه انطلق جميع الرجال صوب السور بسرعة كبيرة يشهدون صدق حديث رفيقهم متسعي الأعين شاخصي الأبصار مضطربي القلوب جزعين مرتعبين وأنى لهم من أمن وهم أهل الغدر !
فجأة انطلقت أبواق وصړخ رجل بصوت جهوري هز أرجاء القلعة
هجوم من سفيد ..هجوم من سفيد
وفي الاسفل وبمجرد أن أضحى سالار على مشارف مشكى توقف يرفع يده في الهواء يأمر رجاله بالتوقف وهو يبتسم لسماع صوت الأبواق والصړاخ الذي انتشر داخل قلاع الحدود الخاصة بمشكى ردد باستمتاع وهو ينظر بطرف عيونه لرجاله
يبدو أن صدى خطواتنا وصل لهم اسرع مما توقعت يا رجال
رفع سالار أنظاره صوب القلعة يبحث عن رجل واحد فقط كي يحدثه بهدوء للدخول دون قتال لكن ما رأى منهم ظلا حتى كل ما أبصره هو خيالات تركض يمينا ويسارا .
اتسعت بسمة سالار أكثر وهو يترك جيشه بعدما رفع لهم كفه يأمرهم بالثبات اماكنهم يتقدم صوب القلعة بجواده رافعا رأسه ېصرخ بصوت جهوري
السلام على شعب لا يعلمون عن السلام سوى أحرفه أما بعد جئتكم من سفيد بجنود مستعدين لخوض معركة تستمر حتى تتمنوا المۏت لانتهائها فإما أن تدعونا ندخل في سلام ونرحل في سلام أو ندخل بالقوة ونخرج بدمار أحضروا لي أحدكم أتحدث معه رجل لذكر وإن كان قائدكم يخشى مواجهتي فأي صبي منكم يستطيع أن يحل مكانه لا فرق
صمت سالار ينظر صوب القلعة وقد جعله الزمان يشهد لتوه مقدار سخريته فالقلعة التي كانت تستقبله قديما بالورود تأبى اليوم فتح أبوابها والبلاد التي كان شعبها يستقبلونه بالبسمات أمس الآن يجهزون له الاسلحة ليستقبلوه .
مرت دقائق في صمت كان جيش سالار بها على أهبة الاستعداد لتحطيم بوابات القلعة واقټحام البلاد وتوزيع المعونات على أهالي مشكى ورغم معرفة سالار لثغرات كثيرة في البلاد يستطيع الدخول منها دون شعور إلا أنه أراد أن يمنحهم مرارة الذل حين يطأ مشكى ويوزع الطعام على شعبها أمام أعينهم دون أن يمتلكوا القدرة على البث بكلمة واحدة اعتراضا على الأمر .
فجأة شعر سالار بظل يخيم عليهم من الاعلى وجسد يمنع أشعة الشمس رفع عيونه ببطء يبصر جسدا ضخما يعلق سيفا في حزامه واعين تراقبه بشړ وبسمة مخيفة ترتسم على فم ذلك الشخص .
اتسعت بسمة سالار يبادله البسمة بالمثل وهو يهتف بصوت ساخر
مرحبا ببافل العزيز مرت أيام منذ رأيتك آخر مرة تحديدا حينما كنت تغط في نومة هنيئة أعلى فراش صديقي وأنا كنت انحر رجالك في الخارج
امسك بافل بالسور في ڠضب
شديد وكأنه يحتاج لشيء يتمسك به ليمنع ذاته من القفز والانقضاض عليهم
ما الذي جاء بك لمملكتي سالار لا تظن أنني سأمرر لك هجومك ذلك بل انتظر مني ردا في غاية القسۏة
ابتسم سالار بسمة هادئة يجيبه
القائد سالار بالنسبة لك بافل فمتى تساوت مكانتي مع الحثالة امثالك لينعتوني باسمي دون لقب !
صمت ثم قال بأعين خبيثة يدرك جيدا كيف يتحدث مع أمثاله وله سابق خبرة مع والد بافل في ذلك
وفيما يخص ردك فالبارحة رأيت كيف هو واحضرت لك ما تبقى منه
ختم حديثه وهو يشير صوب دانيار الذي هبط عن حصانه يتحرك لمؤخرة الجيش يجر أحدهم ثم تقدم من سالار وهو يدفع شاب في العشرين من عمره ثم القاه ارضا جوار اقدام حصان سالار ليبتسم سالار وهو ينظر بطرف عيونه صوب بافل الذي اشتدت عيونه وقال
إذن نتحدث بهدوء أم نأخذ بقايا ردك ونعامله نفس معاملتك لشعب مشكى !
وفي ثواني صړخ بافل بصوت جهوري مرتفع
سالار اياك
ابتسم سالار بسخرية
أوه لهذه الدرجة معاملتك سيئة لهم لا تقلق فنحن نحسن معاملة الأسرى لسنا أمثالكم
صمت ثم قال بحسم
والآن إما أن تفتح ابواب مشكى لنا وتدعنا ندخل دون ترويع ساكنيها أو نأخذ شقيقك اسيرا لنا المتبقي من عمره ونقتحم أبواب مشكى ونروع جنودك
نظر لهم بافل من الأعلى والنيران الملتهبة حوله زادت من حدة الأجواء لا يوجد غيره في مرمى بصر سالار وهذا بعدما اختبأ جنوده خلفه في انتظار أمر منه
متابعة القراءة