رواية فإذا هوى القلب (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
المحتويات
لعدم تدهور حالة والدتها وسألتها باستعطاف
طب مش هاعرف أشوفها عاوزة أطمن عليها الله يكرمك!
ردت عليها الممرضة بجفاء
ده اللي أعرفه عنها!
ثم أشارت بذراعيها في الهواء متابعة بضجر
وأكيد إنتي شايفة الوضع دلوقتي عامل ازاي كلنا بنحاول نشوف الأضرار اللي عملها البلطجي ده!
هزت رأسها بتفهم وقبل أن تنطق مجددا تركتها الممرضة وانصرفت.
هي اطمأنت على حالها إلى حد ما لكنها تتوق إلى رؤيتها بعينيها ليهدأ قلبها الملتاع عليها.
لم يمض الكثير حتى ولج دياب وباقي رجاله للداخل لتفقد حال منذر بعد أن نفذ صبره.
لحق به والده وعواطف وابنتها كل يبحث عمن يخصه.
صاح دياب بصوت متحشرج
ثم دقق النظر فيه متفرسا تفاصيله ليتأكد من عدم إصابته بمكروه متابعا بحدة عصبية
انت كويس فيك حاجة حد اتعرضلك وربنا أعمل معاه الصح وادفنه هنا
رمقه الضابط بازدراء قائلا بتحذير
هي مش فتونة يا اسمك ايه انت!
رد عليه دياب غير مكترث به
لا يا باشا ده أخويا يعني لحمي ودمي!
هتف منذر بصوت هاديء عقلاني
ضغط دياب عى شفتيه بقوة وحدج الضابط بنظرات محتقنة للغاية ولم ينطق بالمزيد.
بحثت عواطف عن ابنة أخيها وسط الحضور تلك الصغيرة التي لم ترها من قبل ظلت تتخيل شكلها ومن تشبه لكنها لم تتوقع أن تلقاها في ظرف كهذا.
اقتربت من منذر وسألته بصوت متلهف وعيناها تدوران بحيرة وخوف في أرجاء المكان
الټفت هو نحوها ونظر لها بوجه خال من التعابير مجيبا إياها باقتضاب ومشيرا بعينين جامدتين
أعدة هناك!
استدارت بجسدها إلى حيث أشار فاضطربت أنفاسها وتوترت دقات قلبها أكثر وهي تمعن النظر في تلك الجالسة على المقعد المعدني المنزوي.
توقفت نيرمين في مكانها مترددة فيما تفعله وفضلت أن تتابع المشهد من بعيد وألا تتدخل فيه وراقبت بفضول ردة فعل والدتها مع ابنة خالها.
حاولت أن تتفرس في وجهها لترى ملامحها بوضوح.
رأت تلك اللمحات الحزينة الطافية على قسمات وجهها المجهد وذلك العبوس الجلي المعبر عن حالها.
ظلت تدنو منها بتمهل دارسة لكل شيء فيها.
تمنت لو كانت تجمع سمات أبيها الراحل فتعوض عن غيابه بوجودها حية معها وفي وسطهم وقفت قبالتها وعمقت نظراتها إليها
آ.. أسيف!
كانت الأخيرة شاردة في عالم أخر خاص بها لم تستطع الانصراف دون رؤية والدتها أولا فأثرت البقاء حتى تطمئن عليها بنفسها.
لم تشعر بنفسها وهي تبكي في صمت متحسرة عليها.
ظلت تدعو الله بتضرع بقلبها لعله يهون عليها وينجيها مما هي فيه.
انتبهت إلى صوت تلك السيدة المنادية بإسمها فرفعت رأسها في اتجاهها ونظرت نحوها بغرابة بأعينها الدامعة.
أكملت عواطف قائلة بصوت خفيض وحاني وهي تطالعها بنظراتها الدافئة
أنا عمتك عواطف يا بنت أخويا الغالي ...!!!
الفصل السادس عشر
ضجرت بسمة من الانتظار أمام الحاجز المعدني وتلفتت حولها بإستياء محاولة التفكير في وسيلة تمكنها من الصعود لمنزلها.
كان الأمر شبه مستحيل بسبب الحصار الأمني حول البناية بسبب حاډث إصابة تلك السيدة مجهولة الهوية في الأخير اضطرت أن تذهب إلى حديقة قريبة من منطقتهم الشعبية لتمكث بها.
وطوال تلك المدة حاولت مهاتفة أمها وأختها ولكن دون جدوى رنين متواصل ولا إجابة على الإطلاق.
زفرت لأكثر من مرة مرددة بيأس لنفسها
عيلة مامنهاش أمل خالص كل ما أعوز حد فيهم يختفوا هافضل أنا كده مقضياها في الشارع!
نفخت بصوت مسموع متابعة حديث نفسها وهي تدور بعينيها ببطء على ما حولها
استغفر الله العظيم كله بسبب أر الجزار الفقر ده! عينه مش رحماني!
لمحت أحد الباعة الجائلين المتخصصين في بيع الحلوى منزلية الصنع فنهضت من مقعدها وهتفت فيه بصوت مرتفع
انت يا عم! استنى!
توجهت نحوه وتفقدت بنظرات ثاقبة متفحصة ما معه لتشتري المناسب لها لتسد جوع معدتها الخاوية.
عاودت الجلوس على مقعدها وقضمت قطعة كبيرة من الحلوى متناولة إياها بشراهة ولم تتوقف عن محاولة الاتصال بعائلتها.
وصلت أخبار الحاډثة الغريبة إلى مسامع الحاج
مهدي وابنه لكن لم يهتم الأخير كثيرا بمعرفة التفاصيل.
مجرد أحاديث عابرة من المارة ورواد المطعم جذبت انتباهه فردد مستنكرا
رد عليه أبيه بتذمر من أسلوبه الغير مكترث
خليك في نصيبتك انت!
نظر مازن نحوه بطرف عينه قائلا
مش خلاص هنحلها
أسند مهدي كفيه على سطح مكتبه مرددا بتوجس
ربك بس يسترها ومنعلقش مع دياب!
رد عليه مازن غير مبال بتبعات ما سيحدث
ولو علقنا ايه يعني!
نظر له والده شزرا وهتف متبرما من استخفافه بالأمور
هاتفضل طول عمرك متسرع ومتخلف وباصص تحت رجلك!
نفخ مازن قائلا بنفاذ صبر
ما كفاية تهزيق يا حاج
رد عليه مهدي معللا
ماهو أنا مبؤوء مزعوج منك ومن عمايلك!
نهض مازن من على مقعده قائلا باقتضاب وهو عابس الوجه
أنا ماشي
رد عليه والده بازدراء
يكون أحسن وماتتأخرش عن مشوار بالليل
لم يعلق عليه مازن بل اكتفى بالتحديق المنزعج نحوه ثم انصرف من أمامه وهو يبرطم بكلمات غير مفهومة بعد برهة كانت بسمة قد ملت من جلستها الغير مفيدة تلك فقررت العودة إلى منزلها وبالفعل وجدت أفراد الشرطة يجمعون أشيائهم فهتفت بإرتياح
أخيرا هاطلع بيتنا كانت شورة مهببة إني أفضل كده!
انتظرتهم حتى أفسحوا الطريق للجيران للولوج والخروج فخطت إلى داخل بنايتها.
قابلتها أثناء صعودها على الدرج إحدى الجارات متسائلة باهتمام
أخبار قريبتكم ايه
نظرت لها بسمة بغرابة قاطبة جبينها ومرددة بعدم فهم
قريبة مين دي
وضعت الجارة إصبعيها على طرف ذقنها قائلة بإستنكار
هو انتي مش دريانة باللي حصل ولا ايه
هزت رأسها نافية وأجابتها ببلاهة قليلة
لأ ليه هو أنا عايشة في كوكب تاني ولا حاجة!
أمسكت بها الجارة من ذراعها جاذبة إياها لداخل منزلها مرددة بجدية
طب تعالي جوا أما أقولك بدل وقفتنا على السلم!
طيب
قالتها بسمة وهي تلج معها لصالة منزلها فالفضول يدفعها لمعرفة تفاصيل الأمر كله.
ضاقت نظرات ذلك الشخص ذو ملامح الوجه السمراء و الحادة للغاية والذي لم تتضح أغلب تفاصيل وجهه بسبب قلة الضوء في تلك الحجرة المظلمة وهمس متسائلا بجدية
انت متأكد من الكلام ده
رد عليه الشخص الأخر مؤكدا بثقة
ايوه الصول لسه مبلغني فيه عفو لشوية مننا ده قرار من وزير الداخلية ناقص بس يتصدق عليه!
تحرك مجد قليلا نحو شعاع الضوء المنبعث من القضبان المعدنية ليردد بتمني
يا سلام لو اسمي يكون ضمن المفروج عنهم!
تنهد زميله السجين بعمق ليضيف بمكر
يا مسهل أنا هاغمز الصول
ولو عرف حاجة هاخليه يبلغنا على طول!
الټفت مجد نحوه وتابع متمنيا وقد ارتخت تعابير وجهه نوعا ما
يا ريت ويبقاله الحلاوة!
تساءل زميله بخبث وهو محدق به
هو بس!
ربت مجد على كتفه بقوة قائلا بابتسامة باهتة
إنت قبله هخليك تتروق على الأخر!
ثم زادت نظراته ضيقا وتابع بصوت واثق متغطرس
خدها مني كلمة مجد أبو النجا لما بيوعد بيوفي
هتف المسجون صائحا بحماس
الله عليك يا عمنا!
هانعمل ايه
قالتها إحدى الممرضات متسائلة بتوجس وهي تنظر إلى زميلتها المتواجدة معها بغرفة العناية المركزة
ردت عليها الأخرى بصوت خفيض
مالناش دعوة احنا ماشوفناش حاجة اللي حصل حصل ده قضا ربنا عمرها وخلص!
همست لها الممرضة بنبرة مرتعدة
بس دي غلطة الدكتور....
قاطعتها الأخرى محذرة بجدية صارمة
ششش.. كلي عيش زيها
متابعة القراءة