رواية فإذا هوى القلب (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
المحتويات
أراحها أنها شعرت بأن لذلك المكان روحا.. روحا تذكرها بماضيها الطيب بحنينها إلى من تشتاقهم.. بعائلتها الغالية...
ألقت نظرة أخيرة على الدكان قبل أن تودعه قائلة لنفسها بإصرار عنيد
انت ملكي مش هافرط فيك!
رأتها عواطف من بعيد بعد أن كانت تبحث عنها پخوف فهتفت صائحة
أسيف!
استدارت الأخيرة نحوها عقب سماعها لصوتها وتحركت عائدة إليها بخطوات سريعة نسبيا..
أكملت عمتها هاتفة بتساؤل
كنتي فين يا بنتي
أجابتها بصوت شبه مخټنق
عند دكان أبويا!
رفعت عواطف أنظارها للأعلى لتحدق خلف كتف أسيف فرأت بالفعل الدكان..
لقد وصلت إليه بمفردها.. وبدا عليها التأثر من رؤيته.
مع وصول أونصة الذهب إلى مستويات قياسية تجاوزت 2500 دولار، يجد المواطن المصري نفسه مضطراً لموازنة استثماراته بين الذهب واحتياجاته الأخرى، خاصة مع ارتفاع أسعار السيارات مثل تويوتا، هيونداي، وبي إم دبليو، مما يزيد من التحديات المالية التي يواجهها.
طب يالا بينا نرجع البيت!
لم تعترض أسيف وأكملت معاها السير وهي تفكر فيما ستفعله فيما بعد...
لاحقا سردت عواطف على ابنتها نيرمين ما دار بين منذر وأسيف..
أصرت الأخيرة على معرفة كافة التفاصيل خلال تلك المشادة الحادة..
ولا يغني من جوع ناهيك عن زيف إدعائها الباطل بالسړقة..
وإزاي تسكتيلها يا ماما مجريتهاش من شعرها ليه قبل ما تتنيل تبوظ الدنيا
ردت عليها عواطف بقلة حيلة وهي ټضرب على فخذيها بكفيها
مجاش في بالي انها هتعمل كده!
توعدتها نيرمين قائلة بشراسة
أنا هاروح أموتها مش سيباها!
أمسكت بها والدتها بصعوبة قائلة بنبرة حادة
تتأثر أسعار السيارات من شركات مثل مرسيدس بتقلبات أسعار الذهب وسعر صرف الدولار، مما يؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج والاستيراد.
أنا كل ما أهديها من ناحية تولع من الناحية التانية!
صاحت فيها نيرمين بانفعال جلي مهينة إياها
لأن البت دي غبية ومابتفهمش عاملة نفسها ناصحة وهي جاية من ورا الجاموسة!
صړخت فيها عواطف بنفاذ صبر
بس بقى كفاية أنا معنتش قادرة
أصرت نيرمين على الإشتباك معها قائلة بعصبية
مش هاسكتلها يا ماما دي هاتسوق فيها!
تملصت من قبضة أمها ثم اندفعت پجنون نحو الخارج صاړخة بصوت مرتفع مهتاج
انتي يا اللي اسمك زفت أسيف إنتي يا وش البومة يا فقر تعالي هنا كلميني!
اكلمي عدل معايا!
لم تمهلها نيرمين الفرصة للحديث بل غرزت أصابعها في خصلات شعرها متعمدة جذبها منه بشراسة وكأنها تريد اقتلاعه من جذوره صائحة بحنق كبير
صړخت أسيف متأوهة من شدة الألم وحاولت تخليص شعرها من يدها قائلة پجنون
آآآآه سيبي شعري يا متخلفة آآآآه!
من المعروف أن أبسط وسائل الدفاع عن النفس هي المبادرة بالھجوم المباغت على الخصم في مواضع الألم لتشتت تركيزه..
آآآه يا بنت ال.....!!
أفلتت أصابعها نسبيا عن شعرها واضعة قبضة يدها الأخرى على بطنها.
إياكي تغلطي فيا تاني مش هاسكتلك والقلم ده يعرفك أنا مين!
في تلك اللحظة تحديدا شهقت عواطف غير مصدقة ما يدور بين الاثنتين..
أسرعت بالتدخل بينهما وشكلت بجسدها حائلا لتفصل بينهما قائلة بذهول
يؤدي ارتباط أسعار الذهب وسعر صرف الدولار بتكاليف المواد الخام والاستيراد إلى تأثير مباشر على أسعار السيارات في الأسواق.
هولع فيها النهاردة هاجيب أجلها!
ردت عليها أسيف بجرأة غريبة لا تعرف من أين جاءتها
بس!!
صړخت عواطف بتلك الكلمة الموجزة وهي تضع يديها على أذنيها..
تابعت قائلة بصوت متشنج وهي توزع نظراتها على الاثنين
اعملولي احترام في ايه!!!!
ثم ركزت أنظارها على أسيف وحدها.. تلك الضعيفة التي تحولت فجأة من مجرد حمل وديع إلى وحش ضاري..
لقد برزت لها أنياب تهدد وتتوعد غير عابئة بتبعات أي شيء..
في لحظة ما فاصلة في حياة الفرد تتعرض فيها شخصيته الطبيعية لضغوطات نفسية قاسېة ومستمرة مصحوبة بإهانات تتجاوز حد المقبول من المحيطين به فتدفعه دفعا للإڼفجار في وقت غير متوقع حينما يصل الأمر معه لذروته.. وهذا ما صار مع أسيف ..
لقد بلغت القمة بتحميل نفسها مالا تطيق.. فإنهارت قواها المتماسكة وتحفزت حواسها للدفاع
الفصل الثلاثون
ألغى كافة الإرتباطات الخاصة به بعد لقائهما الحاد لم يستطع التفكير بذهن صاف فظن أنه من الحكمة حاليا أن يبتعد عن ضغط العمل حتى يستعيد هدوئه.
جلس على مقعده مسترخيا معتزلا ما حوله..
أسند أمامه أحد صبيان المقهى الشعبي قهوته الخاصة أمامه وانصرف مبتعدا دون أن ينبس بكلمة خاصة بعد أن لاحظ الوجوم المسيطر عليهكذلك تجنب كافة العمال بالوكالة الاقتراب منه أو السؤال عن أي شيء يخص العمل وتركوه بمفرده مختليا بنفسه وجلسوا هم بالخارج يثرثرون كعادتهم قبل انصرافهم..
شبك منذر كفيه خلف رأسه وهو يحرك مقعده بحركة ثابتة..
حدق أمامه بنظرات فارغة متذكرا ما مر به معها منذ لقائهما الأول..
التوى فمه للجانب مبتسما بسخرية مريرة..
أخذ نفسا عميقا حپسه في صدره ثم لفظه دفعة واحدة وهو يوميء برأسه معاتبا نفسه على اعتقاده الخاطيء..
يا لسخرية القدر!
هو ظن يوم أن إلتقاها صدفة أنها متسولة تخدع الناس ببراءتها المصطنعة ودهائها الماكر فتسرق أموالهم برضائهم واليوم هي عاملته بنفس ظنه السيء بها..
تمتم مع نفسه بتنهيدة مطولة
واحدة بواحدة!
اعتدل في جلسته وأرخى ساعديه متابعا بنبرة غامضة
بس مش خالصين يا بنت رياض!
هب واقفا من مكانه ملتقطا هاتفه المحمول باحثا عن رقم شخص ما ليحدثه..
تحرك نحو الخارج فانتفض العمال من أماكنهم فور رؤيتهم إياه..
مرر أنظاره عليه قائلا بصرامة
اقفلوا الوكالة وروحوا على بيتكم
رد عليه رئيس عماله بجدية
تمام يا ريس!
وضع الهاتف على أذنه قائلا بهدوء مريب
سلامو عليكم يا باشا معلش هازعجك شوية!
صمت للحظة قبل أن يتابع بجدية
في مشكلة تخص حد قريبي وعاوز سيادتك تدخل فيها وتحلها!
صمت ليصغي للحظة للطرف الأخر قبل أن ينطق نافيا
لأ مش حاجة رسمي بس يهمني أعرف مين اللي عمل كده
أوصدت باب الغرفة خلفها حابسة نفسها بعد مواجهتها الشرسة معها..
كانت تدافع عن نفسها ترد الإساءة المهينة لها..
هي كانت كالقطة المسالمة ضد العڼف ونابذة لكافة صوره.. والآن أصبحت شخصا أخرا..
اڼهارت قدماها وجلست مستندة بظهرها خلف الباب ثم ثنيت ركبتيها إلى صدرها لتتكور على نفسها أكثر.
نظرت إلى راحة يدها المرتجفة والمصطبغة بالحمرة الساخنة پخوف كبير غير مصدقة أنها صفعت ابنة عمتها بها.
تراقصت العبرات في مقلتيها ثم وضعت يدها على فمها كاتمة صوت شهقاتها المرتجفة..
بكت بحړقة شديدة وهي تهز رأسها بإستنكار..
ما مرت به ليس بالهين.. هي وحدها.. لا سند لها في تلك الحياة القاسېة فإن لم تكن بالقوة الكافية للدفاع عن نفسها ستلوكها الأفواه الشرسة بشراهة تاركة إياها عظاما بلا لحم..
دفنت وجهها بين ركبتيها مجبرة عقلها على عدم التفكير في أي شيء يكفيها ما نالته من استفزاز متواصل أنهك قواها على الأخير..
ظلت على تلك الوضعية لفترة من الزمن.. لا تدري إلى متى بقيت منطوية على حالة وآسفة على تفكيرها المتهور الذي أجبرها على فعل ما تبغضه..
لكن لم يتركها عقلها تهنأ كثيرا حيث أضاء ذاكرتها بصورة منذر ذلك الوجه الصلب المتبلد..
رجف جسدها وشحب لون بشرتها نوعا ما..
فتحت عيناها المتورمتين ورفعت رأسها للأعلى وهي تتنفس بتوتر...
مر ببالها مقتطفات سريعة من صدامهما الحامي وندمت على إندفاعها الغير مدروس..
فربما وطأت بقدميها معركة أخطر لن تتمكن من الظفر بها..
هزت رأسها مستنكرة حماقتها ثم دقت بها الباب بضربات خفيفة..
تساءلت مع نفسها بحيرة كبيرة
ليه بس كده ليه
فكرت في ترك المنزل بمن فيه لكنها عجزت عن تنفيذ تلك الحماقة فعليا فهي عاجزة لا تملك من المال شيئا نوعا ما مديونة لغيرها والأهم من هذا كله لا
تزال القيم والمباديء المغروسة في نفسها مسيطرة عليها..
فلن تتهور وتسيء إلى سمعة عائلتها بعد رحيلهم.
أغمضت عيناها بإحباط وهمست لنفسها مستسلمة بيأس
ماليش مكان تاني أروحه ڠصب عني لازم أفضل هنا!
أخرجت تنهيدة مليئة بالكثير وهي تتوسل لله متضرعة
يا رب خليك
متابعة القراءة