رواية فإذا هوى القلب (كاملة حتى الفصل الأخير) بقلم منال سالم
المحتويات
تتأكد يا حبيبي إن البت كويسة ومتربية وكمان بتخلف يعني هاتضمن تجيب منها عيال إن شاء الله!
انزعج هو من تلميحاتها الصريحة حول الإنجاب وتصلبت تعابير وجهه بشدة.
ثم زفر قائلا بحنق وقد قست نظراته
حاجة جليلة قفلي على الموضوع وخليني أشوف ورايا ايه!
تفهمت عدم رغبته في الحديث ورددت قائلة على مضض
براحتك يا بني!
ثم طرأ بعقلها شيء ما فتساءلت بفضول
انتبه لسؤالها باهتمام عجيب وتجمدت نظراته نوعا ما ثم أولها ظهره متحاشيا النظر إليها وفرك ذقنه قائلا بهدوء
يعني من ده على ده
تحركت خلفه قائلة بجدية
أنا عاوزة أروح أعزيهم واسأل عليها!
رد عليها بثبات وهو يسحب ثيابه من خزانة ملابسه
براحتك بس خليها كمان يومين كده تكون البت راقت وفاقت من اللي هي فيه!
هو حصلها حاجة
أجابها بغموض أكثر وهو يغلق ضلفة الخزانة
طيب لو عوزت حاجة نادي عليا
هز رأسه بالإيجاب مرددا
ماشي
وقفت أمام تلك الصورة الفوتغرافية القديمة محدقة مطولا في ملامح وجهها دارسة تفاصيله عن كثب.
برع المصور في تجسيد انعكاس شخصها.
رأت فيها شموخا كبرياؤها يبرز في رفعها لحاجبها الأيسر وتعاليها بإباء يبدو في علو طرف ذقنها وكأنها تتعمد إيصال رسالة تحذيرية خفية لكل من ينظر إليها فلا يفكر يوما بالمساس بها.
تأملت عيناها القاسيتان بحزن بادي عليها مخرجة تنهيدة عميقة من رئتيها.
مسحت بيدها المجعدة على الإطار مزيحة أثار التراب العالق به ثم تنهدت مجددا قائلة لنفسها بإستياء
أخفضت رأسها متابعة بحزن
ربنا عليه جبر الخواطر!
حدقت في سقفية الغرفة بشرود تام فقد سيطرت هيبته على عقلها.
قامت بلف خصلات شعرها المنسدلة على الوسادة بإصبعها وتنهدت بحرارة ما.
مالت بجسدها للجانب محدثة نفسها بتمني
ثم اكفهر وجهها وهي تضيف بسخط كبير
مش بدل الشبشب اللي اتحسب عليا!
لكزتها
بسمة في ساقها قائلة بصوت ناعس للغاية
اتاخري شوية يا نيرمين أنا مش عارفة أنام
ردت عليها أختها بتذمر
يعني أقع على الأرض عشان ترتاحي
زفرت بصوت مسموع هامسة بنبرتها الثقيلة
يوووه أنا عندي شغل بدري فخليني أنعس
طيب.. طيب
بعد مرور يومين
انتهت العاملة زهرة بالفندق المتواضع من التوقيع على ورقة استقالتها وقدمتها إلى مسئولي الإدارة ثم استلمت بعدها مستحقاتها المادية نظير عملها الفترة الماضية به.
سألتها زميلتها بحزن عن سبب تركها للعمل
ليه بس سبتي الشغل
ردت عليها زهرة بضيق مصطنع
مضطرية ياختي مقصرة مع العيال وأبوهم مش ملاحق يسد مكاني! وحلف بالطلاق لو ما أعدت من الشغل ليهرميني في الشارع أنا والعيال! يرضيكي بيتي يتخرب!
لم تقتنع بحجتها الزائفة وأضافت بعتاب
ما انتي كنتي أولى بالفلوس اللي بتطلعك والبقشيش كانوا بينفعوكي وزيادة!
تنهدت قائلة بفتور
تتعوض بقى هاشوف حاجة أعملها وأنا أعدة في البيت!
هزت رأسها قائلة بضجر
ربنا يعوضك!
احتضنتها زهرة وهي تودعها بابتسامة باهتة
يا رب أشوف وشك على خير!
ضمتها
هي الأخرى إليها وودعتها قائلة
هتوحشيني ياختي! ابقي اسألي
ردت قائلة وهي توميء برأسها
من عينيا! سلامو عليكم
وعليكم السلام ورحمة الله!
ثم انصرفت بعدها حاملة كيسا بلاستيكيا يحوي ملابسها وعلى ثغرها ابتسامة ماكرة.
ومضت عيناها ببريق شيطاني خبيث فقد نفذت مخططها الذي رسمته مع زوجها بحرفية تامة وآن الآوان لتنعم بتلك الأموال التي سرقتها.
أفاقت أسيف تدريجيا من حالة الحزن المسيطرة عليها وبدأت من جديد تندمج مع من حولها لكنها لم تقم بعد بفتح حقائب السفر وتوضيبها في ضلفة خزانة الملابس التي خصصت لها في غرفة بسمة.
كانت تؤجل القيام بتلك الخطوة الصعبة حتى تستعيد رباطة جأشها فتقوى على فعلها دون أن يكون للأمر تأثيرا كبيرا عليها.
سعدت عواطف لاستجابة ابنة أخيها لها وخروجها من عزلتها. وحذرت ابنتيها من عدم التمادي في أسلوبها المستفز معها.
ونوعا ما تجنبت الاثنتان الحديث إليها إلا بكلمات مقتضبة.
قبلتها عواطف من وجنتيها وربتت على كتفها هاتفة بنبرة فرحة
ربنا يكرمك يا أسيف أنا مش عارفة أوصفلك قلبي فرحان بيكي ازاي
اكتفت أسيف بالإبتسام مجاملة لها لكن عواطف لم تكتف بهذا بل تابعت قائلة بحماس
أنا عاوزة وشك الحلو ده يرجع ينور تاني! مش هاسيبك إلا لما تاكلي وتملي كده وتبقي قمر 14!
انتبهت كلتاهما لصوت قرع الجرس فصاحت عمتها بإستغراب
وده مين جاي السعادي
هزت أسيف كتفيها قائلة بعفوية
معرفش
تحركت عواطف في اتجاه باب المنزل محدثة نفسها بضجر
طبعا الهوانم اللي عندي سامعين ومطنشين بؤهم في ودان بعض وهاتك يا رغي امري لله هافتح أنا!
بينما سارت أسيف عائدة إلى غرفتها المؤقتة لتمكث بها فهي على يقين بأن الضيف القادم لم يأت من أجلها.
استقبلت عواطف الحاجة جليلة التي جاءت لزيارتها لتقديم واجب العزاء في غرفة الصالون وهتفت قائلة بترحاب
نورتيني والله يا حاجة جليلة تسلم رجليكي
صافحتها الأخيرة بحرارة ومالت برأسها عليها لتقبلها قائلة بنبرة مواسية
البقاء والدوام لله أنا عارفة إني مقصرة في حقكم
ردت عليها عواطف بود
تعيشي يا ست جليلة أنا مقدرة والله كفاية جيتك النهاردة!
تلفتت جليلة حولها متسائلة باهتمام
أومال فين بنت أخوكي أعزيها
أجابتها عواطف بلا تردد وهي تشير بكف يدها
أعدة في الأوضة ثواني أندهالك من جوا!
هتفت جليلة قائلة بجدية
لو نايمة سيبها أمانة عليكي ما تصحيها!
هزت عواطف رأسها نافية
لالالا.. دي هي صاحية بس بتكسف وكده!
ابتسمت جليلة مرددة
ماشاء الله باين عليها متربية زي بناتك
ردت عليها عواطف بتنهيدة إرتياح
الحمدلله
أضافت جليلة قائلة
ربنا يباركلك فيهم
اللهم أمين!
قالتها وانصرفت مسرعة في
اتجاه غرفة ابنتها لتستدعي أسيف لمقابلتها...
في نفس التوقيت بغرفة نيرمين كانت الأختان جالستان بالشرفة ترتشفان الشاي الساخن وتثرثران في توافه الأمور.
انتبهت بسمة لصوت الجرس فأردفت قائلة
باين الباب بيخبط!
ردت عليها نيرمين بفتور وهي تسند قدحها في الصينية
طب ما تقومي تشوفي مين!
حركت بسمة ساقها قائلة بتثاقل
رجلي منملة من الأعدة!
عبست نيرمين بوجهها ورمقتها بنظرات منزعجة قبل أن تقول بسخط
انتي أصلا مابتعمليش حاجة للي بيطلبها منك!
لوت بسمة ثغرها قائلة بتأفف غير مكترثة برأي الأخرين فيها
أنا كده واللي عاجبه بقى!
ركزت نيرمين حواسها لتعرف هوية الضيف وانتفضت من جلستها قائمة صائحة بتلهف
دي الست جليلة أم منذر!
تجهمت قسمات وجهها وردت بامتعاض
ياباي الست دي رخمة أوي
استنكرت نيرمين ما قالته واعترضت بشدة
بقى الحاجة جليلة بجلالة قدرها رخمة يا شيخي حرام عليكي دي من ولاد الأصول بتوع زمان!
نفخت بسمة محركة كتفيها بعدم اكتراث وهي توضح سبب عدم ارتياحها لها
معرفش أنا مش بأرتحلها بتفرض نفسها عليا وبأحسها مش واضحة كده وشكلها مياه من تحت تبن! ده أنا بأفكر أعتذر عن الدرس عشان خاطرها!
حدجتها نيرمين بنظرات قوية قائلة بتصلب
انتي مافيش حد بيعجبك اوعي خليني أقوم أسلم عليها!
ضحكت بسمة بتهكم مرددة
ماشاء الله فجأة كده بقيتي مهتمية بيها!
ردت عليها نيرمين بعبوس وهي تسرع في خطواتها
مالكيش فيه!
صاحت بسمة بصوت مرتفع متابعة إياها بنظراتها
هنياله ياختي!
دقت عواطف على باب غرفة بسمة دقة واحدة قبل أن تدير المقبض وتفتحه لتلج إلى الداخل قائلة بعجالة
أسيف حبيبة قلبي تعالي سلمي على الست جليلة!
نظرت لها الأخيرة بحيرة ساءلة
متابعة القراءة